عمان – محمد جميل خضر - المخرج السينمائي المصري سعد هنداوي كان من أوائل الفنانين المصريين الذين نزلوا ميدان التحرير واحداً من شباب ثورة مصرية غيرت وجه التاريخ العربي المعاصر.
هنداوي صاحب فيلم «ألوان السما السبعة» الحاصل على جوائز عديدة من بطولة ليلى علوي وفاروق فيشاوي، يتحدث باتصال أجرته «الرأي» معه عن تجربة أيام التحرير التي صنعت الفرق وقادت إلى إنجاز شعبي تاريخي: «حين أسترجع الثلاثة أسابيع الماضية وهي عمر ثورتنا الطاهرة الراقية، أجد أنها أهم أيام مرت بحياتي، وأن لحظة انتصار أرادة الشعب هي أسعد لحظة عشتها في حياتي علي الأطلاق».
يقول هنداوي صاحب الفيلم الوثائقي المهم «ملف خاص» عن تلك التجربة الاستثنائية في حياته الفنية واليومية المعاشة «قبل 25 يناير (كانون الثاني) كنت (مثلي مثل الكثيرين) قد بدأت أفقد الأمل في انصلاح حال هذا البلد، وكنت أيضا قد بدأت أفقد الأمل في أن أحداً سوف يتحرك لتغيير الأوضاع السائدة وما بها من فساد وقمع وانعدام للعدالة الأجتماعية، لدرجة أنني ظللت بصعوبة أقاوم فكرة الرحيل (الهجرة) التي كانت تطاردني دائما!!».
وعن يوميات الثورة وصولاً إلى اللحظة التاريخية في 11 شباط الماضي، يواصل هنداوي صاحب فيلم «السفاح» بطولة هاني سلامة، وصف اللحظات الدراماتيكية من تاريخ الشعب المصري الشقيق «بدأت الثورة فعشنا معها (رغم معاناة القنابل المسيلة للدموع وضرب الهراوات ورش المياه) عشنا أصدق وأنبل مشاعر يعيشها إنسان في حياته بما في ذلك دموع الحزن التي لم تجف على شهداء الثورة الذين تلقوا رصاص الغدر بشجاعة مقاتل نبيل، في تلك الأيام ظهر أجمل ما في المصريين وأنبله؛ ورأيت المعدن الحقيقي لهذا الشعب الذي كان يعلوه الصدأ من الجو الفاسد المفسد المحيط به».
هنداوي يرى أن موضوعات السينما المصرية ستأخذ منحى آخر في الأيام المقبلة «بالنسبة للسينما بالتأكيد سيتغير الوضع كثيرا في الفترة القادمة، فلكل عصر فنه الذي يحاكيه، وكل ما أستطيع قوله أنني متفائل جداً وأدعو الله أن يكمل لنا ولكل الشعب المصري الشجاع مطالبه العادلة كافة».
هنداوي كان زار في شهر كانون الأول الماضي عمّان بمناسبة عرض مهرجان كرامة السينمائي الأول الذي نظمته المخرجة سوسن دروزة ومعها المخرج إيهاب الخطيب وبالتعاون مع جهات عديدة، شريطه الوثائقي اللافت «ملف خاص». وهو يتحدث عن دفء استثنائي وألفة صادقة أحس بها في زيارته الأولى لعمّان. ويرفض في سياق آخر تحديده هواجسه الإبداعية ومشاغله السينمائية بأنه مخرج أفلام روائية طويلة فقط، فهناك على حد قوله الأفلام الوثائقية التي تشغل باله وله فيها تجارب، وهو منخرط فعلاً كما يكشف بفيلم وثائقي ما يزال يعمل عليه منذ ستة أعوام ماضية وربما انتهى منه منتصف العام الحالي، وهو يتحدث عن فتاتين تقرر كل منهما تغيير حياتها السابقة. هناك أيضاً كما يواصل كلامه، المشاركة في لجان تحكيم، هناك الكتابة حول السينما، والمحاضرة كذلك حولها ومشاركة أصحاب القرار حول سبل تطويرها. وحتى عندما يتصدى لفيلم روائي للعرض في صالات السينما (تجاري) فإن لديه دائماً، كما يؤكد، هاجس المغايرة والاختلاف عن السائد.
إحداث صدمة عند المتلقين، خصوصاً الذكور منهم، وطرح موضوعات بالغة الحساسية، هو ما أراد من فيلمه الوثائقي «ملف خاص» أن يحققه، تحت عنوان عريض جرئ: لا يوجد تابوهات وكل شيء قابل للنقاش والمراجعة الفنية الإنسانية الصارمة.
هنداوي كما يقول في حوار «الرأي» معه يحب مصر على طريقته، ويود أن ينزهها عن كل ما هو سلبي فيها «وكل ما هو متخلف ورجعي ويمكن أن ينتقص من دورها التاريخي الكبير».
هنداوي يحب الكوميديا ولكنها كما يبيّن، ليست في وارده الآن، والسبب «ببساطة لا أحب أن يضغط عليّ أحد، ولست ممن يجارون السوق أو يضطرون إلى ذلك ربما من باب العند».
الجمهور هو الشغل الشاغل لهنداوي، شأنه في ذلك شأن معظم صناع السينما، وهو كما يعلق لا ينتج أفلاماً لأصدقائه المقربين «أنا أعمل للناس وأريد أن أصلهم، وأن أزيل الحواجز التي قد تَنشأ أو تُنشأ بيني وبينهم».
بدأ هنداوي مشواره الفني مخرجاً لعدد أفلام قصيرة، منها «البكاء» 1993 ثم «زيارة في الخريف» 1994 و»فقاعات» في العام نفسه. ثم عمل كمساعد مخرج في مسلسل «الوهم والسلاح» سنة 1995، «يوم الأحد العادي» 1996، «المشهد الأخير» ثم «أيام العربي في باريس»، إلى أن قام بإخراج أولى تجاربه السينمائية «حالة حب».
هنداوى خريج المعهد العالي للسينما تخصص الإخراج في العام 1994، وكذلك دبلوم المعهد في التخصص نفسه العام 1996، حائز العام 1995 على جائزة المهرجان القومي الأول لأحسن فيلم روائي قصير «زيارة في الخريف».
المفضلات