يرى الكاتب والناقد اللبناني جهاد فاضل في كتاب "أم كلثوم نغم مصر الجميل" أن أي دراسة موضوعية تتناول "السيرة الذاتية الحميمة" لسيدة الغناء العربي لم تظهر حتى الآن.
ويرى المؤلف أن أم كلثوم عوملت "كامرأة قيصر" ذات المنزلة الرفيعة التي منعت الألسنة من أن تتناولها مما يدفع إلى القول إن سيرتها العاطفية لم ترو بعد.
وقال جهاد فاضل "بعد مرور سنوات طويلة على رحيل كوكب الشرق أم كلثوم لم تظهر بعد الدراسة الموضوعية الباردة التي تحيط بسيرتها الذاتية الحميمة أو العاطفية"، وفق ما يرد في كتابه الصادر حديثا عن دار الريس للكتب والنشر في بيروت.
ويشرح فاضل ما يعتقد أنه من أسباب ذلك فيقول "ذلك أن أم كلثوم أحيطت دائما بحصانة منعت على الدوام تعرض وسائل الإعلام لحياتها الخاصة وباستثناء فترات محددة (في البدايات على الخصوص) كانت الصحافة المصرية خلالها تتناولها بحرية كاملة كما تتناول أي فنانة أخرى، فإن أم كلثوم عوملت كشخصية استثنائية رفيعة المقام إن لم نقل كملكة من الملكات كامرأة قيصر حسب تقاليد روما القديمة".
ويضيف "وعندما تزوجت من الدكتور حسن الحفناوي تدخل (الرئيس الراحل) جمال عبد الناصر شخصيا لمنع الصحف المصرية من أن تنشر تصريحا أو تلميحا أي خبر عن زواجها".
حياة أم كلثوم الشخصية منع تناولها
بأمر من عبد الناصر (الفرنسية- أرشيف)
بأمر الرئيس
ونقل الكاتب رواية عن البكباشي (المقدم) موفق الحموي الذي كان مديرا للرقابة أنه عندما اتصل به عبد الناصر ليبلغه هذا الأمر سأل الرئيس عن كون هذا الخبر شائعة من الشائعات فرد عبد الناصر "لا، الخبر صحيح غير أن أم كلثوم اتصلت بي وأخبرتني عن زواجها، ولكنها طلبت مني منع نشر الخبر في الوقت الراهن، وهذا كل شيء. وهذا أقل ما أستطيع فعله لها".
وقد أورد المؤلف مثلا آخر في هذا المجال فقال إنه عندما "وقعت مرة في يد أحد المسؤولين المصريين أوراق خاصة تتصل بالصحافي المصري الراحل مصطفى أمين (1914- 1997) منها عقد زواج رسمي بينه وبين أم كلثوم ورسائل من أم كلثوم تخاطبه فيها بعبارة "زوجي العزيز" حمل المسؤول هذه الأوراق على الفور إلى الرئيس جمال عبد الناصر".
ويتابع "أمسك عبد الناصر بالأوراق، ونظر إليها وابتسم، دون أن يعلق بشيء، ثم وضعها في جيبه. ومن يومها لم تظهر هذه الأوراق على الإطلاق ولم يطلع أحد عليها. ويضيف المسؤول المصري الذي روى هذه الحكاية أنه لا يعلم ما الذي فعله عبد الناصر بهذه الأوراق وأغلب الظن أنه أخفاها تماما ولم يتحدث فيها لا إلى أم كلثوم ولا إلى سواها معتبرا إياها شأنا خاصا لا يجوز لأحد أن يتدخل فيه".
ويقول هذا المسؤول المصري إن عبد الناصر كان يحب أم كلثوم ويحترمها ويعتبرها قيمة وطنية عالية ولم يكن يتهاون بالدفاع عنها وتكريمها وحمايتها من أي محاولة للإساءة إلى مكانتها أو المساس بمشاعرها.
"
كأن أم كلثوم لا يجوز الاقتراب من حياتها الخاصة إلا بورع واحترام، فهي رمز بل هي سر من الظلم جعل الشيفرة الخاصة به مباحة أمام الجمهور
جهاد فاضل
"
احترام وغموض
ويورد المؤلف في مكان آخر من كتابه أنه رغم مرور أكثر من ثلث قرن على رحيل أم كلثوم (توفيت عام 1975) فإن "الكثير من جوانب حياتها الخاصة أو الشخصية لا يزال يحيطه الغموض".
ويوضح ذلك قائلا "فالباحثون المصريون على الخصوص يمرون مرورا سريعا على هذه الحياة، وكأن أم كلثوم لا يجوز الاقتراب من حياتها الخاصة إلا بورع واحترام، فهي رمز لا إنسان يمكن معالجة كل ما يتصل به بل هي سر من الظلم جعل الشيفرة الخاصة به مباحة أمام الجمهور العريض لأن في ذلك ما يسيء إلى ذكرى القديسة الكبيرة الراحلة".
ويقول الكاتب في فصل آخر "ويبدو أن السنوات التي انقضت على وفاتها زائد سنوات حمايتها من عبد الناصر وفقدان شهود زمن شبابها وكهولتها من شأنها أن تحجب إعادة فتح ملفها العاطفي على الخصوص إن لم تمنع طرح أسئلة بصدده".
يذكر أن في كتاب "أم كلثوم نغم مصر الجميل" معلومات كثيرة وقد صيغ بسلاسة وسهولة، لكن مما قد يؤخذ على جهاد فاضل هنا أنه في عدد من الأماكن كان يروي أحداثا وكلاما وحوارات دون أن يذكر مصادرها مع أنه في مجالات كثيرة غيرها ذكر مصادره بوضوح.
المصدر: رويترز
المفضلات