باشرت إسرائيل مؤخرا هيكلة منظومتها الأمنية، وإعادة النظر في إستراتيجياتها العسكرية حيال الشرق الأوسط بشكل عام ومصر على وجه الخصوص، كرد فعل مباشر على الأحداث الكبرى في المنطقة، ولا سيما التهديد الجدي الذي يتعرض له نظام الرئيس حسني مبارك الذي تعتبره تل أبيب الضامن الأبرز للسلام معها.
وفي إطار الاستعداد على ما يبدو لمرحلة من الاضطراب في منظومة الأوضاع في المنطقة، صادقت لجنة المالية في الكنيست على طلب وزارة الدفاع الإسرائيلية برصد ميزانيات إضافية للجيش قدرت بحوالي 200 مليون دولار، وهو طلب قدمه مندوب عن الأجهزة الأمنية بشكل عاجل لتخصيص ميزانيات إضافية للجيش.
وبحسب صحيفة يديعوت أحرونوت، فإن الحديث يدور عن مراحل أولى للميزانيات، تندرج ضمن سلسلة طلبات بتوظيف المزيد من الميزانيات للجيش عقب أحداث مصر، حيث اقتطعت الميزانية من الاحتياطي العام في ميزانية إسرائيل، وتم إقراره دون الخوض في التفاصيل والأهداف التي ستستثمر فيها هذه الأموال.
ميزانيات إضافية
وستعقد لجنة الخارجية والأمن البرلمانية خلال الأيام القريبة جلسات مغلقة لتوظيف المزيد من الميزانيات والأموال للأهداف الأمنية والعسكرية، وذلك بحسب تطور الأوضاع في مصر.
ويرى مراقبون أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع إيهود باراك، سيقتطعان المزيد من الميزانيات من مختلف الوزارات لتحويلها للجيش وتوظيفها لمواجهة تداعيات أحداث مصر.
وقد وجه النائب في الكنيست عن حزب ميرتس اليساري حاييم أورون -الذي صوت ضد طلب وزارة الدفاع برصد ميزانيات إضافية- انتقادات شديدة اللهجة للجنة المالية، ووصفها بالختم المطاطي لدى الأجهزة الأمنية والمالية الإسرائيلية، مؤكدا أنه كان من الأجدر أن تستفيد مختلف الوزارات من هذه الميزانيات وليس تخصيصها فقط لهذه الأجهزة.
وأشار أورون إلى أن نتنياهو وباراك استغلا الظروف السائدة في المنطقة ومصر لتحويل المزيد من الميزانيات لوزارة الدفاع، بدلا من تقليصها عملا باتفاق سابق يقضي بتحويل ميزانيات أكثر للوزارات الخدماتية والاجتماعية.
سياسات وإستراتيجيات
مفيد: أحداث مصر دفعت إسرائيل لإعادة تفكيرها السياسي والإستراتيجي في مصر
(الجزيرة نت)
وفي هذا الإطار يرى المحلل السياسي عبد الحكيم مفيد -في حديث للجزيرة نت- أن أحداث مصر دفعت إسرائيل لإعادة تفكيرها السياسي والإستراتيجي في مصر والشرق الأوسط.
وأضاف مفيد أن القاهرة -منذ اتفاقية كامب ديفد- كانت خارج دائرة المواجهة والصراع، الأمر الذي خفف العبء العسكري على إسرائيل ومنحها الفرصة لتوظيف قوتها العسكرية بالضفة الغربية ولبنان، حيث تنفست الصعداء على مدار ثلاثة عقود على الجبهة المصرية.
وأوضح أن "أحداث مصر أثارت المخاوف لدى الإسرائيليين الذين يخشون أي تحرك أو تغيير في العالم العربي، فمهما كانت النتائج ولو بقيت ركائز النظام المصري، فإن الفترة الذهبية مع القاهرة بالنسبة لإسرائيل قد ولت".
وأضاف مفيد أن الأحداث استدعت رصد الميزانيات لاستثمارها في الجانب العسكري والأمني، حيث تستعد إسرائيل لتنظيم المنطقة والتوازن العسكري".
وأجمل قائلا "ستركز إسرائيل على الجبهة الجنوبية وستعيد نقل قواعدها العسكرية إلى الحدود مع مصر، ولا أعتقد أنها كشفت فعلا عن الميزانية التي تدفع للأمن، فهناك ميزانيات لا يكشف عنها، ولعل المتغير الجوهري الذي يقلق إسرائيل هو الشعوب التي أخرجت من دائرة الصراع واعتبرتها جبهة ضعيفة مهزومة".
استغلال الثورة
شحادة: أي توتر بالشرق الأوسط يترجم في إسرائيل بمطالب لزيادة ميزانية الجيش (الجزيرة نت)
وبدوره، قال الخبير في الاقتصاد السياسي إمطانس شحادة إن "الميزانية المعلنة لوزارة الدفاع الإسرائيلية نحو17 مليار دولار، وأي توتر في الشرق الأوسط يترجم على الفور بمطالب لزيادة ميزانية الدفاع والجيش".
وحين تراجع التداول في الملف النووي الإيراني –يضيف شحادة- خشيت وزارة الدفاع الإسرائيلية من تقليص ميزانيتها، وأحداث مصر كانت فرصة لرصد ميزانيات إضافية لم تستغل من قبل الحكومة.
وأوضح شحادة أن "إسرائيل وفي حالات الاضطرابات بالمنطقة تضخم الأمور وتهولها، لتخويف المجتمع الإسرائيلي وخلق رأي عام داعم، وبالذات في هذه الفترة التي تعصف فيها الأزمة بالاقتصاد الإسرائيلي، يأتي الملف المصري للتغطية وتبرير الإضافات لميزانية الأمن ".
وخلص إلى أن تفضيل ملف الأمن والجيش سيبقى مؤثرا على الاقتصاد الإسرائيلي، وحين تهدأ عاصفة مصر سيتضح حجم الضرر الاقتصادي، وخاصة على الطبقات الضعيفة والمتوسطة.
المصدر: الجزيرة
المفضلات