ساد ارتياح حذِرٌ الشارع التونسي عقب الإعلان عن تشكيلة حكومية جديدة استُبعدت منها معظم العناصر المحسوبة على نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي, وحظيت بدعم من المركزية النقابية.
وكان الوزير الأول محمد الغنوشي قد أعلن الليلة الماضية عن التشكيلة التي احتفظ فيها بمنصبه رغم الضغوط الشعبية الشديدة التي سُلطت عليه في الأيام القليلة الماضية مطالبة إياه بالرحيل.
وبعد مشاورات سياسية جرت في ظل سلسلة من الإضرابات العامة والمظاهرات والاعتصامات التي منحها موقف الاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية) زخما قويا, قدمت حكومة الغنوشي تنازلا جوهريا باستبعاد الوزراء الذين كانوا يتولون أربع حقائب سيادية هي الداخلية والخارجية والدفاع والمالية, واستبدال آخرين بهم لا صلة لهم بحزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم سابقا.
الغنوشي قاوم ضغط الشارع وظل
على رأس الحكومة (الأوروبية)
عناصر جديدة
ولم يبق من التشكيلة السابقة من الوزراء الذين كانوا في السابق محسوبين على حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم سوى ثلاثة وهم الوزير الأول محمد الغنوشي, ووزيرا التخطيط محمد نوري الجويني, والصناعة والتكنولوجيا عفيف شلبي.
كما ظل فيها ممثلان للمعارضة التي توصف بالراديكالية وهما أحمد إبراهيم (التعليم العالي) وأحمد نجيب الشابي (التنمية الجهوية).
ولم يكن بالإمكان التوصل إلى تسوية لولا موافقة اتحاد الشغل على تزكية الحكومة الانتقالية في تركيبتها الجديدة.
ولن يشارك الاتحاد في الحكومة التي ستتولى تسيير الأعمال, لكنه أعلن أنه سيشارك في لجان الإصلاح السياسي, وكشف الفساد, وتقصي انتهاكات حقوق الإنسان.
وشدد الغنوشي في خطاب بثه التلفزيون التونسي على الصبغة الانتقالية والمؤقتة للحكومة, متعهدا بأن تهيئ مستلزمات إرساء الديمقراطية.
وساطة بعد التسوية
وكان مئات المعتصمين أمام مقر رئاسة الحكومة في حي القصبة العتيق بالعاصمة التونسية أطلقوا صيحات الفرح بمجرد الإعلان عن التركيبة الجديدة للحكومة الانتقالية.
ورأى المعتصمون -الذين قدم معظمهم من ولايات داخلية- أن التنازلات الكبيرة التي قدمتها الحكومة من خلال استبعاد أغلب رموز الحكم السابق كانت بمثابة انتصار لهم.
لكن عددا منهم قالوا لصحفيين إنهم لا يزالون مصممين على الاستمرار في الاحتجاج إلى حين استقالة الوزير الأول.
جراد عرض التوسط بين
الغنوشي والمعتصمين (الأوروبية)
وكان هؤلاء المعتصمون رابطوا أربع ليال متعاقبة تحت البرد والمطر, وأعلنوا تصميمهم على عدم المغادرة حتى إسقاط الحكومة برمتها في ظل موجة إضرابات ومظاهرات.
وأعلن اليوم الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل عبد السلام جراد أن الوزير الأول محمد الغنوشي مستعد للقاء المعتصمين ومناقشة مطالبهم.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن جراد قوله إنه يعمل على التوسط بين الغنوشي والمعتصمين الذين يحاصرون تقريبا مكاتب الوزارة الأولى.
وأضاف أن المركزية النقابية تحاول إقناع المعتصمين بالعودة إلى المدن والبلدات التي قدموا منها.
يشار إلى أن الاتحاد دعا في الأيام الماضية إلى سلسلة إضرابات في عدد من الولايات, وطالب برحيل التشكيلة السابقة بما فيها محمد الغنوشي قبل أن يقبل في نهاية المطاف ببقائه في إطار تسوية شاركت فيها أحزاب وقوى من المجتمع المدني.
المصدر: وكالات
المفضلات