يقول الكاتب الأميركي من أصل فلسطيني ساري المقدسي إن المفاوضين الفلسطينيين أو من يسمون بالقيادات قد خانوا الشعب الفلسطيني، وإن وثائق الجزيرة الموثقة تثبت وتبين كيف يتنازل هؤلاء "الضعفاء وقليلو الخبرة عن حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية" على حد قوله.
ويوضح المقدسي أن الوثائق السرية التي تبثها وتنشرها شبكة الجزيرة تكشف عن مدى الجبن الذي يتصف به من يسمون بالقيادات الفلسطينية وعن مدى رغبتهم وسعيهم إلى تضييع الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني، وإنهم قدموا أقصى ما يمكنهم من تنازلات من حقوق الشعب الفلسطيني دون أن ينالوا رضى إسرائيل.
المقدسي -وهو بروفسور متخصص باللغة الإنجليزية وآدابها والأدب المقارن لدى جامعة كاليفورنيا، ويكتب في القضايا السياسية العربية- يقول في مقال نشرته له صحيفة لوس أنجلوس الأميركية "لقد تمت خيانة الشعب الفلسطيني" على أيدي قياداته في الضفة الغربية.
"
الوثائق السرية للمفاوضات التي استمرت سنوات مع إسرائيل تكشف عن أنها كانت مجرد حيلة جوفاء وخدعة للشعب الفلسطيني.
"
خدعة وحيلة
ويضيف الكاتب وهو -ابن أخت المفكر الراحل إدوارد سعيد- أن الوثائق السرية تكشف عن أن كل المفاوضات بين المفاوضين الفلسطينيين والجانب الإسرائيلي على مدار سنوات كانت مجرد حيلة جوفاء وخداع للشعب الفلسطيني، وأن الوثائق أثبتت بشكل واضح أنه جاء الوقت للتخلي عما وصفها بالتمثيلية الدبلوماسية الرسمية والبحث عن خيارات أخرى من أجل الوصول إلى سلام عادل.
وتكشف وثائق الجزيرة، التي وصفها بالموثقة وتنشرها معها غارديان بالتزامن، عن أن المفاوضين الفلسطينيين كانوا قد رضخوا أمام الإسرائيليين وقدموا كل التنازلات بشأن القدس والمستوطنات غير الشرعية المقامة على الأراضي الفلسطينية المحتلة بالضفة الغربية.
الإسرائيليون –والقول للكاتب- كانوا يتلهون لكسب الوقت عبر سنوات طويلة من المفاوضات العبثية، والقيادات الفلسطينية كانت تتلهى بالمفاوضات في قضية بعد أخرى، وأنها تآمرت مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في قمع المعارضة الفلسطينية في الأراضي المحتلة.
ويضيف البروفسور المقدسي أن وثائق الجزيرة الموثقة كشفت عن قيام القيادات في السلطات الفلسطينية في الضفة الغربية بقتل بني جلدتهم من الفلسطينيين، وتضييع حقوق اللاجئين المتعلقة بحقهم في العودة إلى أرضهم المحتلة عام 1948 وغير ذلك من الحقوق.
وأما الإسرائيليون -وفق ما يقول المقدسي- فكانوا يستهزئون ويستخفون بالتنازلات التي يقدمها المفاوضون الفلسطينيون التنازل تلو الآخر، ولم يكن ذلك في عهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ولكن في عهد من يفترض أنهم أكثر ليبرالية منه وهما أسلافه كل من إيهود أولمرت وتسيبي ليفني أو من يدعيان أنهما يريدان السلام.
ويمضي البروفسور المقدسي في مقاله إلى أن يصف موقف المفاوضين الفلسطينيين بالمخزي والمذل، وبأنهم أنهكوا أنفسهم وراء مفاوضات عقيمة حتى تخلوا عن الهدف الرئيسي الذي ائتمنهم عليه الشعب الفلسطيني الذي ناضل من أجله وقدم التضحيات على مدار ستين عاما.
عبثية وغطرسة
ويضيف الكاتب أن كل التنازلات التي قدمها المفاوضون الفلسطينيون الواحد تلو الآخر، وهم يسعون لاسترضاء إسرائيل، كانت عبثية ودون جدوى وتقابل بالغطرسة الإسرائيلية.
ورجال مثل "صائب عريقات ومحمود عباس وأحمد قريع" -يمضي المقدسي- الذين يقودون المفاوضات الفلسطينية هم من النوع الذي يظهر في كل الصراعات الاستعمارية في العصر الحديث، وهم الذين يسكن الضعف في قلوبهم ويعتقدون أنه لا يمكن دحر قوى الاستعمار سوى عبر التنازلات المخزية والمذلة.
وأضاف أن هذه القيادات الفلسطينية من المفاوضين تنازلت عن كل ثوابت وحقوق الشعب الفلسطيني، وهي تسعى للحصول على الفتات المتناثر من الأراضي الفلسطينية المحتلة من أجل الحصول على منافع شخصية على حساب الشعب الفلسطيني.
ويرى الكاتب أن هذه القيادات الفلسطينية التي أمضت سنوات من المفاوضات العبثية ليس لديها أي شرعية، وأن الشعب الفلسطيني لم يفوضها أبدا للتنازل عن حقوقه التاريخية في أرضه المحتلة.
"
ساري المقدسي: الوثائق تثبت أن المفاوضين الفلسطينيين كانوا جاهزين لخيانة الشعب الفلسطيني عبر استعدادهم للاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية بالرغم من معرفتهم أن تلك الخطوة من شأنها أن تهدد وجود الأقلية من الفلسطينيين داخل الخط الأخضر أو عرب الداخل.
"
خيانة الشعب
ويقول المقدسي إن الوثائق أيضا تثبت أن المفاوضين الفلسطينيين كانوا جاهزين لخيانة الشعب الفلسطيني عبر استعدادهم للاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية بالرغم من معرفتهم أن تلك الخطوة من شأنها أن تهدد وجود الأقلية من الفلسطينيين داخل الخط الأخضر أو عرب الداخل، موضحا أن تسيبي ليفني طالما نادت بترحيل الفلسطينيين بعيدا عن مناطق 1948.
ويمضي إلى القول إن الوثائق السرية التي تكشف عنها شبكة الجزيرة تثبت أن المفاوضات، التي تجري بين مفاوضين فلسطينيين بموقف ضعيف وإسرائيليين متغطرسين يتمتعون بدعم أميركي غير محدود، ليس من شأنها الوصول إلى سلام في نهاية المطاف.
ويقول الكاتب إن الشعب الفلسطيني لن يقبل بأي اتفاق يوقعه هؤلاء المفاوضون الفلسطينيون قليلو الخبرة، مضيفا أنه من حسن الحظ أن غالبية الشعب الفلسطيني ليست مهزومة أو يائسة أو فاقدة للأمل كما هي حال هؤلاء المفاوضين الفلسطينيين اليائسين.
ويضيف المقدسي أن أبناء الشعب الفلسطيني وبناته وأطفاله كلهم يقاومون الاحتلال بكل قسوته وجبروته، وأنهم يرفضونه ويصرون على قلب الطاولة على الإسرائيليين.
الشعب الفلسطيني كله -والقول للكاتب- بات يقاوم الاحتلال الإسرائيلي عبر إستراتيجيات متعددة في الداخل والخارج برغم أن الأخير يواجه أصحاب الأرض الفلسطينية بالدبابات ووسائل القمع الأخرى.
المصدر: لوس أنجلوس تايمز
المفضلات