بسم الله الرحمن الرحيم
ما حكم مرتكب الكبيرة عند أهل السنة والجماعة ؟
الجواب: هو عند أهل السنة فاسق أو ناقص الإيمان، وذلك لإقدامه على اقتراف الكبائر وإصراره عليها وتهاونه بخطرها، فلذلك نخاف عليه من العذاب، بل نخاف عليه من الكفر والردة؛ لأن المعاصي بريد الكفر، فهي تنشأ وتتمكن في القلب، فيضعف الإيمان، وتقوى الدوافع نحو المحرمات، من زنا ومسكر وغناء وكبرياء، واعتداء على المسلمين بقتل أو سلب أو نهب أو سرقة أو قذف ونحو ذلك.
فهذه الذنوب مع الاستمرار تضعف سير القلب والجوارح نحو الطاعات؛ فتثقل الصلوات والصدقات وسائر العبادات، ولا شك أن ذلك منذر بخروج عن الدين، ولعل ذلك هو السر في إطلاق الكفر في الأحاديث على بعض الكبائر، أو نفي الإيمان عن أهلها، كقوله -صلى الله عليه وسلم- سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر وقوله: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن إلخ.
فنحن نقول: إنه ناقص الإيمان، أو مؤمن بتصديقه بالله واليوم الآخر والكتب والرسل، لكنه فاسق باقتراف الذنوب وتهاونه بها، وقد تشدد الخوارج فكفَّروا بالذنوب، وأخرجه المعتزلة من الإيمان ولم يدخلوه في الكفر، لكنه عندهم مخلد في النار، وأما المرجئة فجعلوه كامل الإيمان، وقالوا: لا يضر مع الإيمان ذنب، كما لا ينفع مع الكفر عمل. وتوسط أهل السنة فجعلوه فاسقا، وقالوا: هو في الآخرة تحت المشيئة، فإن أدخل النار بسبب كبيرته، فلا بد أن يخرج منها بعد التمحيص بشفاعة الشافعين، أو برحمة أرحم الراحمين.
العلامة : عبدالله بن جبرين يرحمه الله
المفضلات