عمان - سمر حدادين - توحدت مطالب خبراء قانونيين وقضاة ومحامين في الدفع باتجاه دعوة حكومات الدول إلى تقليل التشريعات التي تنص على عقوبة الإعدام، كخطوة أولى لإلغاء العقوبة، برغم تباين المقاربات المنادية بإلغائها.
ويشكل حق الإنسان في الحياة، إضافة لحقه في عدم التعرض للمعاملة القاسية واللاإنسانية، المقاربتين الأبرز لدعاة حقوق الإنسان في الحث باتجاه عدم تطبيق العقوبة.
وخلال مؤتمر وطني التأم أمس حول «عقوبة الإعدام وحماية الحقوق الأساسية للإنسان»، استعرض خبراء قانونيون الاتفاقيات الدولية والمعاهدات الإقليمية، والقرارات الأممية ونظرتها لعقوبة الإعدام، إضافة لنظرة الشريعة الإسلامية للعقوبة».
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة الخامسة منه يقر بحق كل شخص في الحياة، وينص على عدم تعرضه للتعذيب أو المعاملة القاسية أو المهينة أو اللاإنسانية، ما يدعو منظمة العفو الدولية إلى اعتبار عقوبة الإعدام انتهاكا لنص المادة.
وبحسب رئيسة المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بروندا القاضية تغريد حكمت، فإن المجتمع الدولي تبنى أربع معاهدات منها ثلاث معاهدات إقليمية تنص على إلغاء العقوبة، إضافة إلى تبني الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا بفرض حظر استخدام تلك العقوبة.
و فيما يجمع الخبراء القانونيون والقضاة على أن الأردن يشكل حالة متقدمة على صعيد حماية الحق في الحياة، ما جعله في مقدمة الدول المستجيبة لمعتقدات العصر ومعايير حقوق الإنسان، إلا أن «حكمت» طرحت تساؤلات عما إذا كانت عقوبة الإعدام تحقق العدالة لضحايا العنف وعائلاتهم، ورادعة لجرائم الثأر.
ومن ضمن التساؤلات التي طرحت في المؤتمر المنظم من قبل مركز عدالة لدراسات حقوق الإنسان، والمنظمة الدولية للإصلاح الجنائي، بالشراكة مع المركز العربي لاستقلال القضاء و المحاماة ، تتعلق فيما إذا وجدت احتمالية إعدام أشخاص أبرياء باسم العدالة، أو إعدام سجناء الرأي، وهل يمكن تطبيق العقوبة على الجرائم الأشد خطورة؟.
مداخلات الخبراء ركزت على أن الأمم المتحدة وفي سبيل ضمان الحق في الحياة، فإنها تسعى بهدف أساسي وهو التقليل من عدد الجرائم التي تطبق عليها العقوبة، وصولا للإلغاء.
«حكمت» لفتت إلى أن الانتقال من عالم يسوده «قانون القوة» إلى عالم «قوة القانون»، ينبغي العمل على إحلال ثقافة المسؤولية.
المشاركون في المؤتمر اعتبروا أن امتناع الأردن عن تنفيذ العقوبة منذ خمس سنوات شكل نقلة نوعية في موقف الأردن من العقوبة.
رئيس مركز عدالة «عاصم ربابعة» أشار إلى أن المؤتمر يشكل بداية لحوار وطني حول إلغاء عقوبة الإعدام، بما ينسجم مع سياسات الأردن في هذا المجال، مشيرا إلى التعديلات التي أدخلتها الحكومة على قانون العقوبات.
من جانبه قال مدير المركز العربي لاستقلال القضاء و المحاماة ناصر أمين، أن المؤتمر يهدف للحد من تنفيذ عقوبة الإعدام تمهيدا لإلغائها، انطلاقا من أن المركز يعتقد بأن العقوبة تعد قاسية وتمس الحق في الحياة وتطبق في مجتمعات تفتقر إلى العدالة واستقلال القضاء ومعايير المحاكمة العادلة.
ولفت إلى أن تطبيق العقوبة على نطاق واسع في المنطقة العربية يعد مبعث قلق، خاصة أن عدد الأحكام الصادرة والإعدامات المنفذة يفوق بكثير الأرقام المعلنة في أغلب الدول العربية.
رئيسة منظمة الإصلاح الجنائي تغريد جبر، لفتت إلى جملة قوانين أدخلت عليها تعديلات، من بينها: قانون العقوبات وقانون المخدرات والمؤثرات العقلية وقانون الأسلحة والذخائر؛ إذ ألغي بموجبها عدد من النصوص التي كانت تقضي بإعدام مرتكبي جرائم تتعلق بتلك القوانين.
وذكرت بأن عقوبة الإعدام لم تحقق الأغراض المتوخاة منها، ولم تسهم عبر العقود الماضية في خفض الجريمة وتحقيق الردع العام، لافتة إلى أن المطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام ليست دفاعاً عن مرتكبي الجرائم، بل لمنع معالجة الجريمة بجريمة أقسى وأبشع؛ إذ لا توجد أية علاقة بين تطبيق عقوبة الإعدام والتقليل من عدد الجرائم.
الاتجاهات الحديثة لتفسير النصوص الشرعية تتجه وبحسب خبراء شرعيين نحو العفو وليس القصاص، بهدف منع تعزيز ثقافة الثأر والانتقام.
ويستعرض المشاركون في المؤتمر الذي تختم أعماله اليوم، موقف الدول التي ألغت عقوبة الإعدام، ومدى تعارض الاتفاقيات الدولية المعنية بحماية حقوق الإنسان مع تطبيق عقوبة الإعدام والبدائل المتوفرة للعقوبة، إضافة لمراجعة التشريعات لوضع ضوابط و شروط أكثر حزماً في إجراءات التحقيق الجنائي الخاصة بالقضايا التي تعاقب بعقوبة الإعدام.
المفضلات