طبقا للفصل الـ57 من الدستور التونسي، نصب رئيس البرلمان فؤاد المبزع رسميا رئيسا مؤقتا للبلاد بعد فرار الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي ولجوئه إلى المملكة العربية السعودية، بعد تحركات شعبية ومظاهرات عارمة سقط خلالها عشرات الجرحى والقتلى بمدن عدة.
يوصف المبزع بأنه أحد صقور حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم وأحد أركان نظام بن علي إلى جانب رئيس الحكومة المؤقت محمد الغنوشي، الذي يعتبر مهندس السياسات الاقتصادية والمالية خلال الفترة الأخيرة لحكم بن علي، وهو أيضا من حمام سوسة مسقط رأس الرئيس المخلوع.
ويقول مراقبون إن الحكم حاليا في تونس التي ما زال الذعر والهلع يخيمان على شوارعها وأغلب مدنها بسبب الانفلات الأمني والفراغ السياسي، ليس بيد الغنوشي (70 عاما) ولا المبزع (78 عاما)، بل هو بيد أحد جنرالات الجيش.
يقول الصحفي سامي غربال بمقال نشر على موقع "شارع89" إن قائد أركان جيش البر رشيد عمار هو من يمسك فعليا بزمام السلطة حاليا، بينما كان الرجل قبل أسابيع قليلة شخصية غير معروفة إطلاقا بالشارع التونسي.
الجيش وقف إلى جانب الشعب خلال المظاهرات وبعدها (الأوروبية)
لا لإطلاق الرصاص
يبلغ الجنرال عمار من العمر 63 عاما وهو من الساحل التونسي وتحديدا من بلدة صيادة بولاية المنستير وهي منطقة ظلت هادئة نسبيا وبعيدة عن التحركات الاجتماعية التي عصفت بالبلاد منذ أكثر من شهر احتجاجا على ما قالوا إنه تفشي البطالة والمحسوبية والفساد.
ورغم أن بن علي كان القائد الأعلى للقوات المسلحة التونسية، كانت لرشيد عمار الشجاعة الكافية لمعارضة بن علي عندما أمر الجيش بالتدخل لقمع المتظاهرين ودحر "الثورة الشعبية" في القصرين وتالة وسيدي بوزيد حيث حرق محمد البوعزيزي نفسه مطلقا شرارة "الانتفاضة".
ونقل عن عمار قوله "نعم لنشر الجنود حتى تهدأ الأوضاع، لكن الجيش لن يطلق الرصاص على الشعب"، وهو موقف كلفه الإقالة المباشرة وفرض الإقامة الجبرية ضده، غير أن محمد الغنوشي أعاده لمنصبه في 14 من الشهر الحالي للمشاركة بحكومة وحدة وطنية.
وجنب قرار عمار بلاده حماما من الدم، وظل وفيا لتقليد رسخه الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة بعدم التدخل في الشؤون السياسية للبلاد، غير أنه كان السبب الأول في رحيل بن علي.
"الجيش لعب دورا حاسما واتخذ موقفا يخدم مصلحة التغيير" يقول مؤسس الحزب الديمقراطي التقدمي نجيب الشابي أحد أبرز الأحزاب المعارضة "المقموعة" زمن الرئيس المخلوع. وقد دعي الشابي للمشاركة في حكومة الوحدة المستمرة مشاوراتها حتى الآن.
جيش مهمش
وكان الجيش التونسي -الذي أسس عام 1957 بعد سنة من الاستقلال عن فرنسا ولم يطلق أي رصاصة على المتظاهرين- مهمشا من قبل بن علي الذي نجح في بناء جهاز أمني بوليسي تضاعف قوامه أربع مرات خلال العشرين سنة الماضية ليصبح 120 ألف عنصر.
عناصر من الجيش منتشرة بشوارع تونس (الأوروبية)
ويعتبر الجيش التونسي مقزما وضعيف التجهيز إذ لا يتجاوز عدد جنوده 35 ألفا، 27 ألفا منهم بجيش البر، وعدد مروحياته 12، أربع منها تراقب حاليا حظر التجول كما تحوم ليلا فوق العاصمة وضواحيها بهدف تأمينها من مليشيات النظام السابق.
وكان بن علي ذو التكوين العسكري والذي شغل مناصب عديدة بالجيش قبل توليه وزارة الداخلية والانقلاب على بورقيبة، حذرا من "إخوانه" بالمؤسسة العسكرية.
وفي أبريل/نيسان 2004 قتل قائد أركان جيش البر في حادث مريب لمروحية ومعه 13 من كبار قادة الجيش، ومنهم قائد الأركان الجنرال عبد العزيز رشيد سكيك، ذو الصيت الذائع.
يشار إلى أن جنود الجيش ينتشرون بكثافة -منذ فرار بن علي- بكامل مناطق البلاد، وتتعاون مع لجان أهلية شكلت بأحياء مدن عديدة لمواجهة عصابات ومليشيات تستغل الفراغ الأمني لتنفيذ عمليات نهب وسرقة وترويع الأهالي.
وفي ظل تواصل حالة عدم استتباب الأمن، يخشى مراقبون أن يطل على التونسيين عبر شاشات التلفزيون جنرال جديد يقرأ بيانا يعلن نفسه فيه رئيسا جديدا للبلاد، وهي فرضية وإن تأخرت، فإنها تبقى واردة الحصول.
المصدر: الجزيرة+الصحافة الفرنسية
المفضلات