الإكراه الديني يهدد التونسيات
تجد الكثير من التونسيات أنفسهن مجبرات على الالتزام بالممارسات الدينية في اللباس والسلوك. لكن الخبراء يتساءلون عن مدى مشروعية الظاهرة وصحتها إسلاميًا.
جمال عرفاوي من تونس لمغاربية – 07/01/11
[جمال عرفاوي] بحسب رأي الكاتبة رشا التونسي "حالة الحجاب في تونس هي حالة موضة وتأثير مجموعات، نفسية القطيع".
تنفست الطالبة ريما الصعداء وهي تحصل على الضوء الأخضر من والدتها لكي تنزع الحجاب عن رأسها.
"لقد انتظرت هذا اليوم طوال ستة أشهر كانت أثقل علي من عقود طويلة حين أجبرتني أمي على التخلي على ما اعتبرته الملابس السافرة يوم عدت إلى البيت في ساعة متأخرة بعد حضوري عيد ميلاد إحدى صديقاتي".
وعلى غرار الكثير من الفتيات التونسيات والنساء المتزوجات، اضطرت لتنفيذ تعليمات العائلة وعاشت عزلة في المدرسة.
وأضاف "عشت أوقاتا عصيبة وسط الكلية التي أدرس بها. كنت أشعر، وقد أكون مخطئة، وكأن نظرات زملائي وزميلاتي تمزقني مما جعلني أزوغ لعدة أيام عن الذهاب إلى الكلية وكدت أن أرسب تلك السنة لولا مساعدة إحدى الزميلات".
ورغم أن حرية المعتقد مرسخة في الفصل الخامس من الدستور التونسي الذي ينص على أن "الجمهورية التونسية تضمن حرمة الفرد وحرية المعتقد وتحمي حرية القيام بالشعائر الدينية ما لم تخل بالأمن العام"، تواجه العديد من النساء إكراها في الممارسات الدينية.
وتعترف ربيعة وهي في الثلاثينات من عمرها أنها ارتدت الزي الإسلامي خوفا من بطش زوجها.
وقالت لمغاربية "لقد هددني بالطلاق وحرماني من أطفالي إن أصريت على موقفي الرافض لارتداء الحجاب والجلباب".
وتقول ربيعة "عندما جاء لخطبتي قبل أربع سنوات لم يبد أي اعتراض على طريقة حياتي والملابس التي أرتديها حتى أنه أخبرني بأنه لا يصلي ولكن بعد الزواج بسنة تغير فجأة وغير من ملابسه وحتى المواضيع التي يطرحها في البيت حتى أنه منعني من مشاهدة قنوات تلفزية بعينها وفي نهاية المطاف أجبرني على اتباع أسلوب حياته الجديد من ملبس وحتى طريقة الأكل".
وتعترف ربيعة أنها التقت عدة نساء مثلها اشتكين "من انقلاب أزواجهن عليهن وأصبحن يتألمن في صمت".
[Reuters/Rafael Marchante] رغم الجهود العلمانية في تونس، يزداد توجه التونسيين نحو الالتزام الديني.
وحسب ربيعة فقد اعترفت لها إحدى صديقاتها بأنها تعرضت للتعنيف بسبب اعتراضها على ما قام به زوجها من إجبار ابنتهما التي لم تتجاوز سن العاشرة على ارتداء الحجاب.
هادية واجهت وضعا مماثلا. ورغم أنها تلقت تعليما جامعيا ممتازا، اضطرت لترك عملها كطبيبة والمكوث في إحدى المزارع الخاصة لزوجها.
وقالت "طلب مني ألا أغادر البيت إلا برفقته أو برفقة السائق وقبلت بهذا الأمر عن مضض ولكن في النهاية اضطررت إلى الفرار من بيت الزوجية بعد أن استحالت الحياة معه خاصة وأنه حول المزرعة إلى ملتقى لأشباهه من المتدينين المتزمتين".
وهذا التغيير لا يقتصر على النساء فقط بل الرجال أيضا. إذ يعترف خالد الزيتوني أنه فوجئ ذات يوم بزوجته اتشحت بالسواد وغطت رأسها بحجاب سميك.
وقال "طلبت منها أن تنزع عنها هذه الملابس الغريبة التي ستجلب عيون المتطفلين في عملها وبين جيرانها والأكثر من هذا كله فهي تعرف أنني مِؤمن ولا آتي أي شيء يغضب الله ولكنها أصرت على موقفها وأخبرتني بأنها ستعد من الكفار لو نزعت عن رأسها الحجاب وأخبرتني بأن الآية واضحة".
وفي النهاية يقول خالد فكرت في الطلاق وغادرت محل الزوجية.
وقال "ولكن بعد شهر عدت إلى البيت لأخبرها بأنني وإن عدت إلى بيت الزوجية فإنني قد فعلت ذلك من أجل أبنائي وما عليه أن تنسى وإلى الأبد الخروج برفقتي إلى أي مكان عام وألا تفرض علينا أسلوب حياتها في البيت".
وأضاف الزيتوني "وقد اتفقنا على هذا الأمر وها نحن على هذه الحال إلى اليوم نتعايش وكأننا مطلقين".
ومع ذلك لا يتفق الجميع على أن الصحوة الدينية ناتجة عن الإكراه.
وتوضح الكاتبة رشا التونسي "أعتقد أنه في تونس لا يوجد الكثير من الإكراه، حالة الحجاب في تونس هي حالة موضة وتأثير مجموعات، نفسية القطيع، البنات تقلد بعضها دون فهم معنى الحجاب، حتى النساء في سن معينة هن تحت تأثير الفضائيات".
أما منية العابدي المحامية والناشطة النسوية فقالت إن ما يزعجها هو إجبار الفتيات الصغيرات على ارتداء الحجاب واتباع سلوك بعينه دون مراعاة لما تحتاجه طفولتهن.
وقالت "المسألة تهم بالدرجة الأولى القاصرات أو التلميذات في المدارس الابتدائية. أصبحنا نشاهد هذه الظاهرة في بعض المناطق الشعبية. وهذا بالفعل يستدعي الاهتمام خاصة وبعد أن استنتجنا أن ظاهرة الحجاب أصبحت متفشية في جميع الأوساط ولكنها كانت تخص الراشدات والنساء في أماكن العمل أو الجامعة. وقد اعتبرنا أن الإشكال متعلق بحرية اللباس في الوقت الذي تعبر فيه النساء المحجبات باختيارهن بكل حرية وبدون ضغوطات خارجية ارتداء الحجاب. وهذا ما جعل الحركة النسوية تتطرق إلى الموضوع بكل حذر حتى لا يتم اتهامها بعدم احترام الاختيار".
المفضلات