أكثر الأشياء قرباً على قلب الفلاح هي شجيراته التي يزرعها ويرعاها ويعتني بها، ودائماً يكون شجر اللوز هو الأغلى عليه.
وقبل أن يثمر اللوز، لا بُدّ أن يمرّ بمرحلة (الزهر).... في العامية نقول (زهّر اللوز) وهذه المرحلة هي الممهد لبروز الثمر... أو هي المرحلة التي تسبق نموّ اللوز على الشجرات.
وأصعب الأشياء على قلب الفلاح هو حدوث ما يسمى (بالشرقية) أو هبوب الرياح العاتية كونها العدو الأول لزهر اللوز فهي قادرة على أن تطيح به كله وتترك الشجرة بدون زهر... لهذا يضع الفلاح يده على قلبه إن هبت رياح عاتية في الربيع.
ومع ذلك يبقى منظر شجرة اللوز حينما (تزهّر) الأحلى والأجمل فهي اشبه بالوردة الكبيرة التي تمرّدت على كل شيء وأسست في المدى جمالاً منقطع النظير.
أتذكر شجرات اللوز في منزلنا حين كنت على أول الخطى في الكرك وأتذكر وصايا أبي التي أطلقها ذات مساء ربيعي وحثني على عدم الاقتراب من البراعم والأزهار... وأتذكر أن الريح كانت عدواً ولكنها غابت في ذلك الربيع ولم تأتِ.
شجرة اللوز هي بحد ذاتها وطن جميل.... وأنت في لحظة من العمر تجد نفسك بُرعماً أو زهرةً معلقةً على الأغصان ومفهوم المواطنة الحقيقي هو ان تصمد في وجه الريح.
أنا لا أدافع عن مؤسسات أمنية ولا عن جيش ولا أكتب في ذلك أو أتحدث بدافع شخصي... ولكن ما أفعله هو دفاع عن وطن وأريد أيضاً الصمود في وجه الريح...
الأردن هو الوطن الوحيد الذي تنتصر فيه أزهار اللوز على العاصفة...
عبد الهادي راجي المجالي
المفضلات