العم رفاعي.. عاشق الفخار يبكي علي الأطلال
قنا ـ من أسامة الهواري
أمس ليس كاليوم.. وغدا ربما أصعب بكثير والمكان تغير كثيرا والعدد أصبح أقل بعشرات المرات.. فبالأمس كان المكان بحسب عم رفاعي عاشق الفخار.. لا تجد فيه مكانا لقدم من شدة التزاحم.
علي القناوي وصناعة الفخار100 عام تقريبا مرت وتعاقب جيلين علي هذا المكان وأصبح الزمان غير الزمان.
داخل تل من الطين غرس عم رفاعي الذي تجاوز عقده الخامس أقدامه وعلي راديو صغير ردد مع الساحرة فيروز أغنيتها التي يبحث عنها دائما شاوي يرثي حاله للدنيا وكيف كان في صباه يجلس مع والده ومعاونيه لصناعة آلاف القلل الآن أصبح هو وثلاثة فقط من معاونيه أصغرهم طفله سلامة العاشق الصغير أيضا لمهنة والده واجداده والذي ينتظره والده ساعات النهار حتي ينهي دراسته بالمدرسة ليبدأ معا بعد ذلك رحلة نتهي بصناعة قلة أو أواني فائقة الجمال.
يكمل عم رفاعي حديثه معنا عن صناعة الفخار وهو لايزال مغروسا داخل تل الطين البداية كما تري هي صناعة العجينة وهي هنا الطين وهي تحتاج إلي راجل عفي أي شديد البنيان ليقوم بتدويسها بأقدامه حتي تصبح متماسكة, بعد ذلك تبدأ مراحل التنور وهي التي تسبقها عملية صناعة القلة والتي تبدأ ببطن القلة ثم رقبتها وأخيرا القاعدة. لتبدأ بعد ذلك عملية حرق التنورة داخل حفرة معدة لذلك.
عم رفاعي قال: اليوم كله نصنع100 قلة وننتظر الشاري بعد ذلك ونبيع الواحدة بـ50 قرشا ولكن استخدام الثلاجات أصبح يهدد صناعتنا وحرفة أجدادنا بالانقراض.
كنا زمان والكلام علي لسان العم رفاعي نعتبر الفخراني أو صانع الفخار هو بمثابة صانع ذهب لأنه يصنع من التراب فلوس وكانت في هذا الزمن المراكب لا تنقطع ذهابا وإيابا لتحمل القلل القناوي التي غني لها سيد درويش.
أما الآن فننتظر بالشهر والشهرين حتي يأتي من يشتري بضاعتنا وحال لسانه يقول يا فخار مين يشتريك.
عم رفاعي يحلم هو ومن يتلمسون أطراف الحرفة بمكان يخصص لهم بالمنطقة الصناعية للحرفيين حتي لا يزعجون سكان المنطقة التي خرجوا إلي الدنيا فيها ويسمونها بيت الفخرانية حتي أصبح مزارا لأساتذة الفنون الجميلة أو ورشة يقومون باستئجارها كل عام15 يوما.
تركنا العم رفاعي وطفله سلامة وهم يستعدون لصناعة القلل القناوي التي اشتهرت بها محافظتهم طيلة عقود مضت وهو يردد أنا من يصنع من التراب ذهبا
المفضلات