القدس العربي: رؤساء تحرير نافقوا الحكومة بالهجوم على بني ارشيد
سرايا - ثمانية اسابيع فقط فصلت بين مجالسة رئيس الوزراء الاردني سمير الرفاعي للشيخ زكي بني ارشيد وثلاثة من قادة التيار الاسلامي تحت عنوان التفاوض لضمان مشاركة الاسلاميين في الانتخابات العامة الاخيرة، وبين المستجد الظرفي والسياسي الذي تحول فيه الشيخ ارشيد نفسه ورفاقه الى هدف مركز لكل عمليات القصف الاعلامي والخطابي داخل الحكومة والبرلمان واحيانا خارجهما.
وما حصل في السياق يبدو غريبا جدا، فقد تحول ارشيد وفي غضون اسابيع من رجل يستمع لمجاملات رئيس حكومة وهو يخبره ورفاقه بالتوافق معهم على كل الملفات المطروحة تحت السؤال الاصلاحي "طبعا لاغراض تبديد المقاطعة"، الى هدف مركز للهجوم الذي يمارسه ليس الناطقون الرسميون فقط ولكن ايضا رؤساء التحرير الساعون لمنافقة الحكومة ولركاب موجة الموسم في البرلمان.
والسبب في كل تلك الاثارة رأي حاد على شكل تصريح اطلقه الشيخ بني ارشيد في سياق الجدل حول فتوى علماء جبهة العمل الاسلامي التي طالت قصة المشاركة الاردنية في افغانستان، وهي فتوى كان يمكن بكل الاحوال تقليص حضورها او مواجهتها عبر الاكتفاء برد دائرة الافتاء الحكومية ذات المصداقية العالية، او عبر تطبيق قانون الافتاء كما لاحظ الدكتور ممدوح العبادي.
لكن ردود الفعل قررت "تعظيم" حجم الفتوى واصحابها وتسييس القضية رغم كل خيارات تجنب تسييسها.
وهذا التسييس نقل ببساطة الاسلاميين من خانة الاصدقاء الذين اقتضى الواجب التفاوض والتفاهم معهم مع الاعتراف بدورهم الوطني الايجابي، الى قائمة الخصوم الاعداء الذين لا بد من رجمهم بكل المتاح من اتهامات ثقيلة وخفيفة، خصوصا بعدما ثبت بالوجه القاطع ان قرار مقاطعة الانتخابات كان حكيما جدا، كما قال لـ"القدس العربي" الشيخ علي ابو السكر رئيس مجلس شورى جبهة العمل الاسلامي.
والمفارقة هنا ان طموحات بعض اعضاء مجلس النواب في الالتحاق بحافلة التنديد بالاسلاميين سواء لاغراض استهلاكية او اعلامية او حتى سياسية ووطنية انتهت بالقلم والورقة الى نتيجة واحدة وواضحة، حيث وضعت الشيخ المرفوض حكوميا زكي بني ارشيد في قمة الحدث والمشهد بعدما تحولت جلسات مناقشات الثقة بحكومة الرفاعي عمليا الى جلسات لمناقشة تصريحات ارشيد، كما لاحظ الناشط النقابي ميسرة ملص.
وهذا المنطق في تحويل الانظار والاضواء للشيخ ارشيد المتهم بتهمة شعبية محببة تماما وهي القرب من حركة حماس نجح في احياء دور الرجل وتنشيط مكانته، والاهم من ذلك نجح في تفكيك عزلته التي خططت لها ثلاث حكومات دفعة واحدة مع ما تيسر من قادة التيار الاسلامي نفسه على مدار سنوات.
ذلك لم يجعل ارشيد ندا للرفاعي فقط يخطف الاضواء منه في البرلمان، انما سياسيا سمح له النواب انفسهم باطلاق تصريح جاذب للاهتمام يقول فيه: الاصدقاء في مجلس النواب بدأوا يسابقون وزارة الداخلية في قمع حرية الرأي والتعبير.
عند بعض خصوم الشيخ ارشيد داخل التيار الاسلامي، يقال التالي: لو تعاقد ارشيد مع شركة علاقات عامة امريكية ودفع ملايين الدولارات لاعادة شخصه للواجهة لما نجح بذلك بالقدر الذي خدمته فيه خطابات النواب ومقالات صحف الحكومة وتصريحات الناطقين الرسميين وخلال ثلاثة ايام فقط.
وحسب الباحث السياسي عمر لطفي لانه في صفحة اليوم تقرأ سياسيا وشعبيا ثلاث ملاحظات: مجلس النواب في حالة فوضى نظامية وسياسية.. الاعلام الرسمي ما زال مرعوبا ومركوبا على حد تعبير رئيس الوزراء الاسبق عبد الرؤوف الروابدة.. الانتخابات شهدت تلاعبا غير مبرر وبالتالي قرار الاسلاميين بالمقاطعة حكيم للغاية.
وبسبب هذه الملاحظات يمكن القول بأن التيار الاسلامي الذي استهدفته ماكينة الحكومة والبرلمان خلال الايام القيلة الماضية بعد ان خاطبه قبل اسابيع الرفاعي بصفته شريكا في الوطن هو في الواقع في وضع افضل سياسيا وشعبيا من الحكومة والمجلس النيابي معا رغم الاستياء الشعبي من اقترابه من بعض الخطوط التي ينبغي عدم الاقتراب منها.
يمكن تلمس ذلك من بعض التعليقات الجريئة على المعركة الدائرة اعلاميا هذه الايام، فالمحلل الصحافي فهد الخيطان لاحظ بأن الدور الاردني في افغانستان وغيرها مسألة ليست عسكرية بحتة وينبغي ان تخضع للنقاش، كما يحصل في كل المجتمعات الديمقراطية، وبعض العقلاء اقترحوا بأن "تكبير" قصة فتوى علماء التيار الاسلامي خدم اهداف بعض الاسلاميين المتمثلة في تسييس المسألة اكثر من مساحة التسييس التي انتجتها الفتوى نفسها.
المفضلات