الأمير بشيـر الغـزاوي
في عام م1855 ، وفي بلدة"المشارع"في الأغوار الشمالية ولد الأمير بشير بن حسن بن ظاهر بن عبد الله بن يعقوب بن محمد بن يعقوب بن نعيم بن حمدان بن قانصوة ، وكان قانصوة قدم الى بلدة صخرة في عام (1550) م حيث عُـرف باسم محمد قانصوة ، ولكن رواية أوردها الدكتور محمد المناصير في دراسة له تشير إلى أن عشيرة الغزاوية قدمت إلى منطقة عجلون في شمال شرقي الأردن قبل عام 1550 م حيث تشير الرواية إلى أن زعيم منطقة لواء عجلون الأمير البدوي محمد سعيد الغزاوي حاول مقاومة السيطرة العثمانية على البلاد في عام 1517 م ، أي في العام التالي لقدوم العثمانيين الأتراك ، وقد تمكنت الدولة من إحباط تمرُّد الأمير الغزاوي إلا أنها أبقت على حكم عائلة الغزاوي في منطقة عجلون ، وولي حمدان بن قانصوة الغزاوي وشقيقه بشير الغزاوي منصب حاكم لواء عجلون ، وتقول رواية إنه عندما أخذ الاتراك يضيقون على الأمير بشير آثر الإنتقال مع عشيرته إلى الغور.
ويورد المؤرًّخ مصطفى مراد الدبـَّاغ في الجزء الأول من القسم الأول من كتابه الموسوعي (بلادنا فلسطين) ثلات روايات عن نسب عشيرة الغزاوية ، رواية تقول إنهم من نسل الصحابي الجليل الخليفة الفاروق عمر بن الخطـَّـاب رضي الله عنه ، ورواية تقول إنهم من قبيلة التياها في جنوب فلسطين (غزَّة) ومنها أخذوا إسمهم"الغزاوية"، ورواية تردُّهم إلى قبيلة الغزي من بني لام.
وكان الأمير بشير بن حسن الغزاوي أحد رجالات الحركة الوطنية الأردنية التي كان لها دورّ مهم في مختلف القضايا العربية في بدايات القرن العشرين المنصرم ، وكان من المبادرين إلى دعم الثورة العربية ضد حكومة حزب الإتحاد والترقــًّـي التي كان قادتها من يهود الدونمة ومن الماسونيين فأرسل تسعمائة من فرسان (الغزاوية) الى شمال الجزيرة العربية لينضموا الى جيش الثورة العربية الكبرى ، وشكل فرسانه رافداً مهماً للجيش الفيصلي الشمالي ، وشارك الأمير بشير في المؤتمر الوطني لأهالي لواء عجلون الذي عقد في ديوان الشيخ ناجي العزام في قرية (قم) في 6 ـ 4 ـ 1920 م ونتج عنه تشكيل قوات شعبية من عشائر الشمال الأردني بقيادة الشيخ الشهيد كايد المفلح عبيدات للهجوم على معسكرات الجيش البريطاني والمستوطنات اليهودية في سمخ وتل الثعالب ، وفي (20) نيسان (1920) ، كان الأمير بشير في قلب المعركة بجانب الشيخ كايد العبيدات وكان على مقربة منه حين ارتقى مع اخيه وابن اخيه وثلاثة من ابناء عمومته شهداء يضمخون بدمائهم الأردنية العربية المسلمة الطاهرة أرض فلسطين الطاهرة ، وكان الأمير بشير الغزاوي كسائر رجالات الحركة الوطنية الأردنية وأهالي شرقي الأردن يتفجـَّـرون غضبا على الإنحياز الإنجليزي لصالح العصابات الصهيونية تنفيذا لوعد بلفور المشؤوم ، وعندما قام الجنود الإنجليز بإطلاق الرصاص على الفلسطينيين في القدس جمع الأمير بشير الغزاوي قوة من فرسان عشيرته ومن العشائر الاخرى وتوجهوا جميعهم الى القدس ليشاركوا في ثورة البراق وقد شهد له الوزير الأستاذ اكرم زعيتر بهذا الموقف القومي النبيل في مذكراته.
ويورد كتاب (القيادات والمؤسسات السياسية في فلسطين 1917 ــ 1948 م) لمؤلفته الباحثة بيان نويهض الحوت اسم الأمير بشير حسن الغزاوي كممثل عن عرب الأغوار الشمالية وغور بيسان في المؤتمر العربي الفلسطيني السادس الذي انعقد في عام 1923 م ، وفي (27) تشرين الثاني (1929) ، بعث الأمير بشير رسالة تضامنية مع الشعب العربي الفلسطيني الى قادة الثورة ، وصف فيها مشاعره القومية تجاه النضال الوطني الذي يخوضه الشعب ضدّ الارهاب البريطاني ، واستنكار قرار محكمة النيابات برئاسة القاضي العسكري البريطاني "كوري" ونائبة القاضي العسكري"كيت"، الذي أصدر حكم الاعدام بحق 9 من المجاهدين الذين كانوا طليعة الجهاد الفلسطيني ، وفي (5) نيسان (1930) ، شارك الأمير بشير بالوفد الأردني الذي قابل الملك عبدالله الاول: للطلب منه التدخل لدى الإنجليز لإنقاذ 25 مناضلاً فلسطينيناَ من حكم الاعدام ، وكانت سلطة الإنتداب البريطاني ألقت القبض عليهم ونسبت إليهم تهمة قتل العناصر البوليسية من قوات الأمن البريطاني ، وكان الوفد الاردني يتألف من الأمير بشير الغزاوي ، الشيخ مثقال الفايز ، الشيخ هاشم خير ، وكان وفد من فلسطين جاء لنفس الغرض وقابل الملك عبدالله وبحضور الوفد الأردني ، وقد تدخل الملك عبدالله مع الحكومة البريطانية ونجحت وساطته.
ويذكر الأستاذ أكرم زعيتر في مذكراته أنه عندما شهدت فلسطين موجة من الهجره اليهودية بالتعاون بين الصهيونية العالمية والحكومة البريطانية ، سار الأمير على رأس مجموعة من المقاتلين بإتجاه مستعمرة (شاسيا) بالقرب من معمل الإسمنت الذي يملكه اليهودي (قيشر) واشتبك مع المستوطنين اليهود في 7 نيسان 1931 وتمَّ قتل ثلاثة من اليهود وتدمير الحافلة التي كانوا يستقلونها وجرح خمسة آخرين وعاد المجاهدون الى قواعدهم بسلام ، وقيل إن الأمير بشير الغزاوي قتل أحد أقارب ملكة بريطانيا في احدى المعارك ضد المحتلين الإنجليز ، وكان ديوان الأمير بشير ملتقى للقادة كفوزي القاوقجي والشيخ محمد الاشمر وسعود الخضرة وفوزي جرار.
وفي أحد المؤتمرات العربية الذي عقد في القدس ضاق الأمير بشير الغزاوي ذرعا بالخطابات النارية فأخرج مسدسه وأطلق رصاصة دوَّت في القاعة وصرخ بأعلى صوته :"هذا هو الحل الوحيد مع هؤلاء القتلة لا الإستجداء أو الكلام ".
ويقول الدكتور احمد عويدي في كتابه (العشائر الاردنية) أن الأمير بشير الغزاوي رفض كل إغراءات الانجليز ليوافق على ضمًّ غور الأربعين الى الأراضي الفلسطينية تمهيدا لإعطائها لاحقا لليهود.
وفي ايلول 1945 توفي الأمير الشيخ الجليل بشير الغزاوي وشارك في جنازته الآلاف من وجهاء وزعماء ومشايخ العشائر الأردنية والفلسطينية و السورية والعراقية.
المفضلات