دعا الملتقى الدولي العربي الأول لنصرة الأسرى في سجون الاحتلال الذي عقد بالجزائر إلى تدويل قضية الأسرى وشرح معاناتهم للرأي العام العالمي، وإيجاد آليات قانونية للتحقيق والتقصي في جرائم الاحتلال ضد الأسرى، وتوحيد المصطلحات الإعلامية في الحديث عن قضية الأسرى، وإنشاء صندوق لتغطية نفقات قضايا المحاكم للأسرى، وإعالة عائلاتهم.
وتشمل هذه التوصيات -التي بلغت مائة توصية- كل أسير في سجون الاحتلال أيا كان إسرائيليا أو أميركيا أو أي احتلال آخر كما قال عبد العزيز بلخادم الأمين العام لجبهة التحرير الوطني الجزائرية، التي نظمت الملتقى.
وجاء كلام بلخادم ردا على احتجاج مشارك عراقي "بأن سجون الاحتلال الأميركي في العراق فيها 70 ألف أسير". وقد بلغ عدد الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي 7380 أسيرا، حسب إحصاءات رسمية فلسطينية.
المطران إيلاريون كبوشي (الجزيرة نت)
وتحدث المطران إيلاريون كبوشي مطران القدس في المنفى بمرارة عن التفكك العربي والفلسطيني، واعتبر أن قوة إسرائيل نسبية وليست مطلقة، وتستمد قوتها من الضعف العربي والفلسطيني.
وأضاف للجزيرة نت والدمعة تخنقه لاغترابه 32 عاما بالمنفى في روما حيث يقتله الحنين إلى القدس "نعم تحدثنا عن معاناة الأسرى في سجون الاحتلال، ويجب مساعدتهم بالفعل لا بالعاطفة، ولكن ماذا عن أسرى الانقسام الفلسطيني؟ فإذا انقسم البيت كان الخراب والهزيمة فوحدة الصف هي الطريق إلى ما نطمح إليه دولة بحدود 1967 ذات سيادة وعاصمتها القدس".
معاناة فلسطينية
أم أحمد هارز وهي زوجة أسير من غزة تكبدت مشقة تربية ستة أبناء والزوج محكوم عليه بالسجن مدى الحياة وتمنع زيارته منذ ثماني سنوات، قالت للجزيرة نت "هذه المعاناة لا يعرفها سوى الأسير وعائلته. ترك الأبناء، الكبير سبع سنوات والأخير لم يولد، الآن تزوجوا جميعا وعنده 22 حفيدا لا يعرف واحدا منهم".
وأضافت "وحاليا إسرائيل تمنع زيارة أسرى غزة لأربع سنوات، وتسمح بمكالمة هاتفية لمدة عشر دقائق كل ستة أشهر، فهل تكفي لنطمئن عليه؟ نحن محرومون من أبسط حقوق الإنسان".
أم أحمد هارز زوجة أسير تكبدت مشقة تربية ستة أبناء (الجزيرة نت)
وحسب المحلل السياسي الدكتور عبد العالي رزاقي الأستاذ في جامعة الجزائر والباحث في تاريخ الثورة الجزائرية فإن هذه معاناة عاشها الجزائريون إبان الثورة الجزائرية عام 1954، وآنذاك لم تكن حركات حقوق الإنسان والديمقراطية والحرية بكثافتها اليوم، ومع ذلك استطاع الجزائريون توظيف قضية الأسرى للهدف الرئيس الاستقلال.
الثورة والأسرى
وأوضح رزاقي للجزيرة نت كيف تعاملت الثورة الجزائرية مع الأسرى، حيث كانت القيادة تأمر الأسير بعد إطلاق سراحه بتنفيذ عملية عسكرية ضد الاحتلال ليثبت ولاءه للثورة وأنه ليس مدسوسا في صفوفها، وإذا سجن الأسير ثانية وأطلق سراحه أصبح مشبوها ويُعدم حفاظا على أمن المناضلين، وهذا غير معمول به في الثورة الفلسطينية.
ويضيف رزاقي أن الأسير الجزائري كان يُعتقل بسبب معلومات، أما الأسرى الفلسطينيون فيعتقلون بالمئات وحتى الأطفال، وهذا لهدف سياسي لتكون ورقة الأسرى على طاولة المفاوضات مع الفلسطينيين.
يذكر أنه في عام 1956 اختطفت فرنسا طائرة على متنها خمسة من قادة الثورة وهم أحمد بن بله وحسين آيت أحمد ورابح بيطاط ومحمد بوضياف ومصطفى الأشرف. ويقول رزاقي "تحول هؤلاء في السجون الفرنسية إلى رموز وطنية، تعطي دفعا للثورة بوجودها بالسجن، والثورة قادها آخرون حتى تحقق الاستقلال وخرج القادة الأسرى بعد إعلان الاستقلال".
عبد العالي رزاقي (الجزيرة نت)
دور المرأة
وتحدث رزاقي للجزيرة نت عن دور المرأة الجزائرية في الثورة، وأهمية الإعلام فمن هؤلاء النسوة من استشهدن وأخريات اعتقلن مثل جميلة بوحيرد، وجميلة بوعزة وجميلة بو باشا، حُكم عليهن بالإعدام، لكن مقاومتهن وتوصيل القضية للرأي العام الدولي حول الحكم إلى المؤبد.
وأضاف "أخرج يوسف شاهين فيلماعن جميلة بوحيرد، وصدرت كتب عن جميلة بوعزة وجميلة بوباشا، ورسم فنانون عالميون مثل بيكاسو لوحات لهؤلاء المناضلات تضامنا مع قضيتهن بينما في الثورة الفلسطينية توجد أسيرات مناضلات لكنهن مجهولات للعالم".
ويعتقد رزاقي أن الأسير الفلسطيني مُستغل حاليا في الصراع بين الفصائل وليس في الحرب ضد إسرائيل، وأن مداخلات الفلسطينيين بينت هذا الصراع بالمفاخرة بأسرى هذا الفصيل أو ذاك، ولم يتحدثوا عن قضية جميع الأسرى، وهذا الخطأ لم يحدث في الثورة الجزائرية.
وما تحدث به المحلل السياسي رزاقي لامس الواقع الفلسطيني عندما التقت الجزيرة نت مع عباس زكي القيادي في حركة فتح، ويونس الأسطل عضو البرلمان من حركة حماس، للحديث عن قضية الأسرى، حيث بدا الخلاف واضحا، ولم يفلح هذا المؤتمر الدولي في رأب الصدع في قضية الأسرى، حيث اعتبر كل طرف أن له العدد الأكبر من الأسرى وبالتالي عد ذلك مؤشرا على حجمه النضالي.
المصدر: الجزيرة
المفضلات