د. أحمد ابو غنيمة يكتب لسرايا: نظرية " الزعيم الاوحد" لدى بعض الإسلاميين... الصيادلة نموذجاً !!!
من المعروف أن مبدأ " تداول السلطة " في العالم العربي، عبارة ليست موجودة على الإطلاق في القاموس السياسي العربي المعاصر وهو ما اصطلح على تسميته بنظرية الزعيم الأوحد الذي لا يترك السلطة كبرت أم صغُرت إلا في حال استدعائه من قبل سيدنا عزرائيل.
نعرف تماماً أن بعض الزعماء والرؤساء العرب يعشقون السلطة ، ونفهم ان نجد من أتباعهم من يمجدونهم الى درجة القداسة أحيانا. فيعطلون جزءا كبيرا من تفكيرهم على أساس أن خطابات ومواقف الزعيم تفكر عنهم وترسم لهم خريطة المرحلة ، فيهتفون لزعمائهم «بالروح بالدم» لأنهم يعيشون إحباطا على كل المستويات ويعتقدون أن الخلاص بالزعيم أو يلتزمون الصمت خوفا من أن يتم «التخليص» عليهم من جماعة الزعيم أو الرئيس !!! هذه الحالة لفّت العالم العربي بصيغ مختلفة. التفاف مدى العمرحول زعيم قومي، ثم التفاف حول زعماء وطنيين، ثم التفاف حول زعماء دينيين، ثم طائفيين، ثم أمراء أقاليم ومناطق، ثم أمراء شوارع، لقد تعددت الصيغ والزعيم واحد، فإذا انتصر انتصرت الامة والقضية واذا انهزم فلأن خيانات حصلت ومؤامرات نسجت ولأن عدو الداخل المتمثل في الطابور الخامس ساهم في إضعاف الدولة والمجتمع. حتى إذا تنازل الزعيم وتواضع وأقرّ بجزء من المسؤولية تعترض الجماعة المستفيدة التي تهتف بإسمه صباح مساء من وجوده وتحرك الجماهير وتضع اللوم على الحاشية والمقربين وعدم وجود الوعي الكافي لدى الناس.
أسوق هذه المقدمة لأعبر عما عايشته شخصياً فيما يُطلق عليه مجازاً " التيار الإسلامي في نقابة الصيادلة" ، وهو تيار مهني نقابي " تطوعي " يجتمع فيه بعض الصيادلة من الإسلاميين الحركيين أو المستقلين، وخصوصاً ما حصل في العامين المنصرمين، الأمر الذي يدفعني للتوجه لقيادة الحركة الإسلامية في الأردن بالدعوة أن تنظر باهتمام شديد لما سيرد في هذا المقال ، فأقول لهم أنه ينبغي عليهم وهم الذين ينتقدون بعض الأنظمة والحكومات العربية بسبب تطبيقها نظرية ومبدأ " الزعيم الأوحد " ، أن يتابعوا جيداً ما يجري في " التيار الأسلامي في نقابة الصيادلة " حيث تتشابه الظروف والملابسات التي تحدث في الأنظمة التي ينتقدون فيها وجود نظرية " الزعيم الأوحد" مع ما يجري في هذا التيار من خلال صيادلة محسوبين على الحركة الإسلامية.
فعلى الرغم من فشل هؤلاء الإشخاص من الصيادلة المحسوبين على الحركة الإسلامية في قيادة هذا " التيار الصيدلاني المهني النقابي الإسلامي " في انتخابات مجلس نقابة الصيادلة التي جرت في شهر أيار من هذا العام ، من خلال فشلهم في كسب جولة الإنتخابات المذكورة بعد فرضهم مرشحاً مغموراً نقابياً على الساحة الصيدلانية لتشهد قائمة التيار الإسلامي هزيمة انتخابية غير مسبوقة ، وعلى الرغم من فشلهم في توحيد صفوف التيار الإسلامي في نقابة الصيادلة بخروج العديد منهم، وعلى الرغم من سياسة الإقصاء والتهميش - والطرد من اجتماعات رسمية لإدارة التيار والتهديد بطلب الشرطة لأحد أعضائها - ، ومن ثم اتخاذ قرارات بالفصل !!! من عضوية التيار لمخالفيهم الرأي، بالرغم من كل هذا الذي ذكرته ومن كثير مما لا يمكنني الإفصاح عنه، فإن هذه الشخصيات المحسوبة على الحركة الإسلامية استمرت في تطبيق مبدأ " الزعيم الاوحد " من خلال فبركة مسرحية لا تقل سذاجة عن مسرحيات بعض الأنظمة العربية لإعادة انتخابهم ومبايعتهم " بالتزكية " على رأس الهيئة الإدارية للتيار !!!! ينتقد الإسلاميون بعض الأنظمة العربية لفبركة مسرحيات تحت مسمى انتخابات لتجديد الولاء والتمجيد لهذا الزعيم أو ذاك ، وبعض المحسوبين على الإسلاميين في التيار الإسلامي في نقابة الصيادلة يفعلون ذلك ، ينتقد الإسلاميون بعض الأنظمة العربية لوجود مخبرين يُسطّرون التقارير بحقهم ، وبعض المحسوبين على الإسلاميين في التيار الإسلامي في نقابة الصيادلة يفعلون ذلك، ينتقد الإسلاميون بعض الأنظمة العربية لتكريس مبدأ الزعيم الأوحد على الرغم من هزائمهم ونكوصهم عن تحقيق المطلوب منهم لأمتهم ، وبعض المحسوبين على الإسلاميين في التيار الإسلامي في نقابة الصيادلة يفعلون ذلك، ينتقد الإسلاميون بعض الأنظمة العربية بأنهم لا يعترفون بخطأ أو تقصير أو فشل ، وبعض المحسوبين على الإسلاميين في التيار الإسلامي في نقابة الصيادلة يفعلون ذلك، ينتقد الإسلاميون بعض الأنظمة العربية الذين يسعون لإقناع الرأي العام بأن مواقفهم هي الصحيحة ومواقف غيرهم هي الخطأ بعينه ويساعدهم في ذلك جوقة المطبلين والمنتفعين والمداحين والمستفيدين وأجهزة الدعاية المدعومة بالمال وسياسات التضليل والخداع ، وبعض المحسوبين على الإسلاميين في التيار الإسلامي في نقابة الصيادلة يفعلون ذلك ولديهم جوقة من المطبلين والمداحين ومن يمارسون التضليل والخداع والكذب أحياناً !!! إذا أرادت قيادة الحركة الإسلامية في الأردن أن تكون صادقة مع نفسها أولا ومع جماهيرها ومحبيها ثانياً ، فعليها ألا تكيل بمكيالين في تعاطيها قضايا الحريات ومبادئ الديمقراطية، وعليها أن تتوجه فوراً إلى إتخاذ إجراء سريع وعاجل يضع حداً فاصلا وواضحاً بين مفهومي الفتنة والإصلاح في التيار الإسلامي في نقابة الصيادلة ، وأسأل الله عز وجل أن يكون هو النموذج الوحيد في الحركة الإسلامية الذي يعتمد مبدأ " بالروح بالدم نفديك يا زعيم ".... وللحديث بقية.
( الكاتب أمين سر التيار الإسلامي في نقابة الصيادلة – سابقاً )
المفضلات