المفرق – توفيق أبوسماقة
- تسابق محموم من قبل مواطنين من أجل حصاد بضعة جرامات من الذهب ربما تخلِّصهم حسب رايهم من الفقر الذي يعاني منه معظمهم، جراء البطالة أو بسبب متطلبات الحياة المتزايدة يومياً والتطلع لمستقبل مشرق يودّعون فيه حياة المعاناة والرزح تحت خط الفقر.
انتشار ظاهرة البحث العشوائي عن الذهب والقطع الأثرية ذات القيم العالية خطر يهدد أماكن عديدة في المفرق، مما يستوجب على جهات الاختصاص التحرك لتداركه حماية ً للبيئة، وحماية للثروات التاريخية من الضياع والتخريب حتى لا يؤثر على المكانة الأثرية التي تحتلها المحافظة.
وبالرغم من اعتقاد أغلب الناس بأن أعمال البحث عن الدفائن ضربٌ من ضروب الوهم والمستحيل إلا أنه وما إن شاع بين الناس وجود الذهب بمنطقة معينة إلا وشدوا ترحالهم يحملون آمال وتمنيات الثراء السريع, ليجدوا بذلك منفذاً لحياة كريمة بالتنقيب العشوائي بعد أن تفشت في أجسادهم حمى البحث, ورغم وعورة الأرض وقساوة الطبيعة إلاَّ أنهم كلهم أمل وعزيمة في تغيير واقعهم للأفضل.
وتركزت ظاهرة النبش في الأودية والمغر والكهوف والسراديب القديمة وكذلك المقابر أملا في العثورعلى كنوز ذهبية ودفائن ولقايا أثرية وحلي يعتقد أنها مطمورة في باطن الأرض منذ مئات السنين.
ويعتبرالتنقيب عن الذهب والدفائن بوسائل بدائية بعيدا عن الالات والمعدات والأجهزة الإكترونية الحديثة والخرائط القديمة وخبراء الاثار,بحسب دراسات علمية تهديدا للصحة وفتكا بها,حيث أن ذرات التراب الناعمة المرافقة لأعمال التنقيب هي بحد ذاتها تشكل خطرا حقيقيا يؤثر على الجهاز التنفسي ولا سيما الرئتين.
وتحفل مدينة المفرق بقصص عديدة ما زالت مثار خلاف وجدل بين المواطنين فمنهم من يصدق واخر يكذب.
وبالرغم من القصص التي ينسجها مواطنون والتي أصبحت بنظر الكثيرين واقعية إلا أنها لم تأخذ درجة القطعية لغاية اللحظة وإنما بقيت مجرد أقاويل ومعلومات ورثتها الأجيال عمن سبقها حول وجود دلالات واشارات معينة على مكان لكنز يطلق عليها اسم الرصد ويتمثل أي ـ الرصد ـ بوجود افعى او دجاج وصيصان او ارانب تظهر على مقربة من مكان الكنز ولكن سرعان ما تختفي عند مشاهدتها من احد.
وبحسب ما يتداول الباحثون عن الكنز والذهب ان الرصد وضع من قبل القدماء منذ مئات السنين من اجل حماية الاموال التي تدفن مع صاحبها عند وفاته لكي لايتجرأ احد على اخذها والاقتراب منها لاعتقادات تتعلق بان هذه الاموال ستبقى ملكه في الحياة الاخرة اذ يحتاج فك وازالة الرصد للحصول على الكنز الى تعاويذ وقراءات معينة. من جهته قال الدكتور عبدالقادر الحصان مدير مديرية اثار المفرق أن كل ما يذكر في هذا المجال هو غير موضوعي ويتنافى مع الوقائع الاثارية والتاريخية والدينية والحقائق العلمية وينم عن جهل في تاريخ الحضارات وتراكمها وعدم معرفة تطور اللغات والاحرف القديمة وهو في حقيقة الامر لا يخرج عن كونه أساطير وخرافات متوارثة منذ العصور الحجرية الغابرة مرورا بالعصور المتعاقبة.
واضاف انه لابد من نشر الوعي الاثري عند كافة ابناء الوطن بدءا من المدارس وصولا الى الجامعات لتكون جزءا من ذاكرة الوطن المتصلة بحلقاتها الثلاث الماضي والحاضر والمستقبل.
واضاف الدكتور الحصان أن أثارنا تراث متجدد وبترول لا ينضب لان الارتقاء بالوعي الاثري يؤدي الى تنشيط السياحة المحلية والعالمية ويضفي بعدا اقتصاديا على كافة المواطنين وبعدا معنويا اخر يثري ثقافتهم ووعيهم وادراكهم.
وعودا على بدء فإن ما يذكر بخصوص بعض المواطنين الذين امتلكوا اموالا طائلة من جراء اعمال البحث عن الكنوز المزعومة فإن هذا الامر يعتبر هراء وذلك لأن بعضهم يتاجرون بالمحرمات والمهربات المتعددة ويجيرونها الى الإختباء وراء هذه الأعمال.
ولفت الدكتور الحصان الى أن قانون الأثار العامة يجرم المتعاملين بهذه الأمور مشيرا الى أنه تم تحويل اكثر من شخص الى القضاء ولمرات عديدة.
ووفق الحصان ان المادة «14» من قانون الاثار رقم «21» لسنة 1988 وتعديلاته تنص على»يحظر على أي شخص القيام باية حفريات في المواقع الاثرية بحثا عن الدفائن الذهبية او اية دفائن اخرى».
واضاف ان المادة «27» من نفس القانون تنص على»يعاقب بالحبس مدة لاتقل عن شهرين ولاتزيد عن سنتين او بغرامة لاتقل عن 500 دينار وبما يتناسب مع قيمة الاثر كل من اكتشف او عثر على اثار صدفة او علم باكتشافه او العثورعليها.
المفضلات