بسم الله الرحمن الرحيم
اترك المستقبل حتى يأتي
قال الله تعالى في محكم تنزيله {أتى أمر الله فلا تستعجلوه} لا تستبق الأحداث أتريد إجهاض الحمل قبل تمامه؟! وقطف الثمرة قبل النضج؟! إن غداً مفقود لا حقيقة له، ليس له وجود، ولا طعم، ولا لوم، فلدذا نشغل أنفسنا به، ونتوجس من مصائبه ونهتم لحوادثه. نتوقع كوارثه ولا ندري هل يحال بيننا وبينه، أو نلقاه فإذا هو سرور وحبور؟! المهم أنه فب عالم الغيب لم يصل إلى الأرض بعد، إن علينا أ، لا نعبر جسراً حتى نأتيه، ومن يدري؟ لعلنا نقف قبل وصول الجسر، أو لعل الجسر ينهار قبل وصولنا، وربما وصلنا الجسر ومررنا عليه بسلام.
إن إعطاء الذهن مساحة أوسع للتفكير في المستقبل وفتح كتاب الغيب ثم الاكتواء بالمزعجات المتوقعة ممقوت شرعاً؛ لأنه طول أمل، وهو مذموم عقلاً؛ لأنه مصارعة للظل. إن كثيراً من هذا العالم يتوقع في مستقبله الجوع والعري والمرض والفقر والمصائب، وهذا كله من مقررات مدارس الشيطان، قال الله تعالى في محكم تنزيله {الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفره منه وفضلا}.
كثير هم الذين يبكون؛ لأنهم سوف يجوعون غداً، وسوف يمرضون بعد سنة، وسوف ينتهي العالم بعد مائة عام. إن الذي عمره في يد غيره لا ينبغي له أن يراهن على العدم، والذي لا يدري متى يموت لا يجوز له الاشتغال بشيء مفقود لا حقيقة له.
اترك غداً حتى يأتيك، لا تسأل عن أخباره، لا تنتظر زحوفه؛ لأنك مشغول باليوم.
وإن تعجب فعجب هؤلاء يقترضون الهم نقداً نسيئة في اليوم لم يشرق شمسه ولم يرَ النور، فحذار من طول الأمل ياصديقي العزيز.
وشكـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــرا
علما بأن هذا اخر موضوع من كتاب لا تحزن يارب يكون عجبكم
المفضلات