الملاكم محمد علي كلاي وذكرى اللقاء الاول
في العام 1965م كان لقائي الوحيد مع البطل محمد علي كلاي بطل العالم للملاكمة في الوزن الثقيل ، لم يكن اللقاء بالطبع علي حلبة الملاكمة حين أعترف به العالم كبطل لهذه الرياضة القوية ، ولكنه كان اللقاء الفريد من نوعه بينه وبين صبي في الثانية عشرة من عمره حين زار مدينتنا بورسعيد ضمن جولته في مصر لأداء بعض المباريات الإستعراضية مع أبطالها في هذا المضمار ..
وقد حاز البطل محمد علي كلاي " شفاه الله وعافاه" علي إعجابي منذ هذه المرحلة العمرية وسمعت اسمه يتردد في تلك الآونة وتمنيت لو أنني أصبح بطلاً مثله ولكن ليس كل مايتمناه المرء يدركه ..
ودارت الأيام وظللت أتابع بشغف بالغ أخباره عبر الصحف التي تنشر أخباره وصوره وشاشات التلفزيون التي تبث مباراياته وانتصاراته فتمتلئ نفسي بالفرح والبهجة ، أو أبكي من الحزن لما لحق به من إحباطات أوخسائر، ولكنني لم أفقد يوماً ذرة حب لهذا البطل الذي داعب أحلامي علي مدي مراحل عمري وصدر شبابي ، كما وأورثتني القراءة عنه عبر الصحف والكتب التي صدرت عنه الكثير من العشق فكانت لي الزاد والزواد أتواصل به مع البطل محمد علي ..
ومحمد علي هو سلالة العظماء في تاريخ هذه اللعبة وأحد الذين لا يتكرر حجم إنجازهم ، فقد حقق كلاي انتصارات قلما حققها إلا بطل مثله هزم فيها مغاوير اللعبة من أمثال جو فريزر الذي انهزم أمامه محمد علي في اللقاء الأول ولكنه أحرز نصراً مؤزراً عليه في المرة الثانية والثالثة ..
ومحمد علي حصل علي بطولة العالم في الملاكمة للوزن الثقيل لثلاث مرات ، كما نال ميدالية ذهبية في طوكيو عام 1964م ومن هنا دوت سمعته بعد أن أعلن إنضمامه إلي منظمة " أمة الإسلام " في نفس العام ، وأعلن محمد علي رفضه التام الإنضواء تحت لواء الحرب الأمريكية علي فيتنام ورفض أداء الخدمة العسكرية ودعا لوقف هذه الحرب القذرة مما حدا السلطات إلي إصدار أمر بتوقيفه وسحب لقب البطولة وتجريده منه ، ولكن محمد علي حظي بقسط وافر من التعاطف من من جانب الفريق المناهض لهذه الحرب ، وأصبح محمد علي من دعاة وقف هذه الحرب..
ولقي محمد علي حرباً ضروساً لا قبل له بمثلها أشعلت نيرانها آلة الإعلام الأمريكي في بداية العام 1966م ولكنه لم يرضخ وتحمل في إصرار قوي وعزيمة لا تلين تبعة اختياره ومبادئه ..
***
كان محمد علي قبل أن يعلن إسلامه يحمل اسم " كاسيوس مارسيلوس كلاي " واتخذ بعد ذلك اسماً له هو محمد علي الذي اشتهر به ، وفي خلال مباراة جرت بينه وبين أحد خصومه وهو " إيرين تيريل " أثار الأخير حفيظة البطل ودعاه بإسمه قبل الإسلام مما زاد من حنق البطل وغضبه ولم يجد وسيلة لتأديب خصمه سوي أن يكيل اللكمات له حتي أسقطه أرضا وكان ذلك يوم السادس من فبراير 1967م ..
***
استمر محمد علي موقوفاً عن المشاركة في بطولات الملاكمة حتي العام 1970 حيث سمح له بعد ذلك باللعب في ولاية جورجيا وهي ولاية ليس فيها اتحاد للملاكمة وحقق انتصاراً ساحقاً علي منافسه جيري كواري بعد مرور ثلاث جولات ..
وحصل محمد علي علي حكم من المحكمة العليا في 28 من يونيو 1971 م بعد فترة قصيرة يلغي حرمانه من اللعب .
وفي يوم الثامن من مارس 1971م حدث لقاء انتظره العالم طويلاً علي امتداد الكرة الأرضية وحمل عنوان " مباراة القرن" بين البطل محمد علي وغريمه جو فريزر علي حلبة في " ماديسون سكوير" وتابع هذه المباراة جمهور عريض بطول الكرة الأرضية وعرضها لأول مرة وذلك بسبب الشهرة الواسعة التي تمتع بها الطرفان ..
في هذه المباراة أحرز فريزر الفوز بالنقاط بعد إجماع حكام الحلبة علي مدي خمسة عشر جولة ، وكانت تلك هي الخسارة الأولي للبطل علي امتداد تاريخه ، وبها حافظ فريزر علي لقبه كبطل للعالم في الوزن الثقيل ..
وتولدت من جديد شعلة الإصرار والتحدي في نفس البطل الذي استطاع مواصلة زحفه من جديد وتحقيق الإنتصار الساحق علي منافسه " جورج فورمان " في 30 من أكتوبر 1974م .
وفي أكتوبر 1975 م كان العالم علي موعد مع ثأر جديد من نوعه بين البطلين في لقاء ثان ولم يدع محمد علي الفرصة لتفوت دون أن يحقق الإنتصار ، وفي نيويورك كانت واقعة تأكيد النصر في العام 1977م علي نفس البطل بالنقاط بعد 12 جولة ، وفي مانيلا عاصمة الفلبين كانت الواقعة التي سحب مدرب جوفريزر لاعبه بعد مرور 14 جولة بسبب ما أحدثته ضربات محمد علي للخصم من جراء اللكمات القاسية نتج عنها عدم قدرته علي فتح عينيه ، وشبه الخصم هذه الجولات الساحقة بأنها تشبه ضربات الموت ..
ومازلنا نتابع رغم مرور السنوات الدور الذي اضطلع به محمد علي في كافة مجالات الأعمال الخيرية بعد اعتزاله وبعدها ظهرت علي البطل الأسطوري أعراض مرض " باركنسون " في العام 1982 كما كان يعاني من آلام حادة في ظهره نتيجة تعرضه لحادثة سير ..
وهكذا نري بين الحين والحين هذا البطل الذي نال شهرة بلغت الآفاق ، نراه ويداه ترتعشان ولكنه لم يزل علي اعتداده بنفسه ، وعشقه للحياة
المفضلات