مقال للأستاذ رائد العزام
المقال منشور على جراسا نيوز
منذ ان استيقظنا على جرس زوال المرحلة البدرانيّة في وزارة التربية والتعليم،انتابتنا مشاعر طموحة وآمال جسام بنيت فور إعلان نبأ تعيين الدكتور خالد الكركي على رأس الهرم التربوي في أردننا الغالي،وتناسينا آلية تعيين الوزراء في بلدنا العزيز التي لا تلبي أدنى طموحات المرحلة،وابقينا على فسحة الأمل في الخلاص من الكابوس البدراني وآثاره السلبية على كل مجالات التربية والتعليم،محاولين الوثوق بمطلق الشعارات الرنانة لسنوات طوال وقدرته على اصلاح ما خلفته الفترة البدرانية وأهمها تلك العقوبات العرفية بحقّ زملائنا الناشطين في حراك المعلمين المهني،وتوقعنا من صاحب الشعارات إزالة هذا الكابوس فور تقلّده منصبه بناء على معطيات كانت في ذاكرتنا خطأ ً.
ثم تتناقل إلى أسماعنا قصص تختزل آلية اختياره وتوليه الوزارة،فمنهم من قال:إنه قبل بهذا المنصب بعد تفاوض شرس لساعات طوال،أعطيَ على إثرها سقفا عاليا للتعامل مع قضية المعلمين ايجابيا.ومنهم من قال: إنه المخرج لبقاء حكومة الرفاعي الابن لما يتمتع به من سمعة حسنة ومواقف وطنية معروفة تقريبا.ومنهم من قال: بعد شهرين تنتهي رئاسته للجامعة الأردنية،فوجد هذا المنصب حبلا تدلى من السماء.
ونحن بدورنا صدّقنا بعضها وربما جميعها إلى أن جاء مؤتمره الصحفي يوم 7/8/2010
والذي قلب الموازين جذريّا وكأنّ وزيرنا سمع بتلك التأويلات فأبى إلا أن يوضح موقفه الحقيقي من رغبة شخصية في الجلوس بهذا المنصب،بل ذهب الى أبعد من ذلك عندما استخفّ بالارادة الشعبية مفتخرا بمنصبه كنائب لرئيس الوزراء على حساب أي شيء آخر،فكل ما هو خارج ذلك لايعنيه.
حينها شكرناه ( كناية ) على مؤتمره وجرأته وصراحته التي أزاحت الغمامة عن ذاكرتنا وجعلتنا نرتطم بجدار الواقع المرير،واقع وجود هذه الحكومة العرفية،وان كل ما بني عليها فهو عرفيّ بامتياز.
بعد ذلك حدثت بعض اللقاءات والتي كانت مطمئنة للبعض،خاصة حين كلّف امينه العام بإعادة المنقولين والبحث عن آلية لعودة المستودعين،كخطوة أولى في الطريق الصحيح.
ولكن يبدو أنّ معاليه محظوظ بنخبة من المستشارين النابغين أو البالغين عرفيا من داخل الوزارة وخارجها،فهدوه الى ضرورة استغلال هذا الملف كورقة مناورة لإنهاء حراك المعلمين. وعليه فقد خرجوا بسيناريو يلوي عنق الحراك،ويهدف اصطياد عصفورين بحجر واحد:
الأول: حلّ هذا الملف بالتقايض ( موقف بموقف ) أي خطف توقيع المعلمين المعنيين بالحراك على وثيقة أو تعهد بعدم العودة الى المطالبة بحقوق المعلمين،والتعهد بشطب مفهوم الاعتصامات والإضرابات من قاموسهم الفكري وصولا الى وأد فكرة إحياء النقابة من خلال ترحيل الملف الى مجلس النواب القادم،وطرح فكرة الاتحاد بنظام كبديل والضغط باتجاه فرضه وإقراره ليكون بذلك نسخة من نادي المعلمين(لا يهش ولا ينش) وشبيه آخر للاتحاد العام لنقابات العمال.
والصيد الثاني: إذلال من تجرأ ورفع صوته أمام هذه النخبة المغرّبة والعاجيّة التي ما تعودت إلا أن ترى المعلّم مهان لا قيمة له ،منفّذا للأوامر المقدّسة التي لا تقبل بعرفهم حتى النقاش برغم قصرها وعيوبها التي أعادتنا الى الوراء عشرات السنين.
ولأنّ قيمة العقل بحريته وأمام هذا السيناريو القاصر أُحذر الدخول الى مفاوضات هدفها ونتيجتها المقايضة وتكميم الأفواه والعقول،فقضية المعلمين لا تختزل في عودة المستودعين والمنقولين – رغم أهميتها القصوى – بل بإنشاء نقابة تصلح ملف التعليم في الاردن.
رائـد العـزام
المفضلات