حكومة الرفاعي تتجاوز الشغب بأقل الخسائر وضجر جماعي من لعبة تغيير الحكومات
الاردن.. وجبة تحقيقات في ملفات فساد كبيرة بعد ضربة مصفاة البترول

لا مجال امام المتربصين بحكومة الرئيس سمير الرفاعي في الاردن او الذين يعتقدون بقدرتهم على التأثير على فرص استمرارها حتى بعد الانتخابات العامة الا تطويع انفسهم واستنهاض مساحات المرونة السياسية للتعامل مع الواقع الموضوعي، فرأس الحكومة باق على الارجح لعدة سنوات اما جسدها الوزاري فيمكن تلوينه وتعديله حسب المقتضيات. والاعتقاد الرائج في عمان الآن بأن الرفاعي الرئيس، وهو يصل حاليا لمحطة اجراء الانتخابات، ليس نفسه ذلك الشاب المتمرس في الحكم الذي حصل على فرصة تشكيل حكومة في ظرف ملتبس فاجأ الجميع.
وليس سرا ان حكومة الرفاعي بعد تنفيذها لعملية صعبة ومعقدة حملت اسم ملف مصفاة البترول وانتهت لاول مرة في تاريخ البلاد بسجن اربع شخصيات متنفذة، هي نفسها الحكومة التي كان البعض يستسهل السعي لاسقاطها او يحاول تقليص هوامشها عبر سلسلة بيانات تضغط على مرجعية القرار لتغيير الحكومة ومن خندق المؤسسة والنظام احيانا.
والتوقيت في قضية مصفاة البترول كان عنصرا صلبا يعزز هيبة الحكومة التي تفتح ملفا ضخما للفساد وتكمله، حسب الانطباع العام بصرف النظر عن الحيثيات او عن بعض القرارات الادارية التي لم تكن مقنعة في بعض الاحيان. والاجواء العامة بهذا المعنى مهيأة تماما لفتح المزيد من ملفات الفساد. وفي السياق من الواضح ان تكليف جنرال مخضرم من خارج العلبة التقليدية للمؤسسة البيروقراطية من طراز سميح بينو النائب والوزير السابق برئاسة جهاز مكافحة الفساد الحكومي، خطوة لا تعني اقل من فتح ملفات فساد مهمة جدا قريبا.
وثمة قناعة حيوية الآن بأن حكومة الرفاعي اصلب من اي وقت مضى، فرئيسها قال عن تقييمه لحملات مضايقة الحكومة والشغب عليها انه يفرق بين طرازين من الحملات الاولى النقدية الايجابية التي تخدم المسيرة بشكل عام ولا تنطوي على شخصنة وتلك تحترمها الوزارة، والثانية تلك العبثية والشخصانية التي يكتشف اصحابها بعد فترة انها غير منتجة خصوصا لدى الرأي العام.
بهذا المعنى نجحت الحكومة مؤخرا بتجاوز مأزقين من الطراز الرفيع، فالمحاولات المنظمة التي جرت لابعادها عن ملف الانتخابات عبر تأجيلها فشلت تماما سواء اكانت سياسية وحزبية او فردية وشخصية.
ومظاهر الشغب العام على الحكومة من المتقاعدين او المعلمين او حتى بعض اوساط الصحافيين انتهت الى دائرة الجدل الكلامي الذي نجح في مهمة واحدة فقط وهي دعم وتعزيز الحكومة لدى المرجعيات في رد فعلي طبيعي على الاسترسال في لعبة الشغب المنهجية الموسمية ضد كل من تختاره حلقات القرار والحكم.
وذلك لا يعني برأي المراقبين الا تحولا ملموسا في الجو العام، فالانطباع حتى داخل مستويات صناعة القرار ان الجميع ضجر من لعبة تغيير الحكومات بسرعة، والحاجة ملحة جدا لحكومة مستقرة قدر الامكان ونخب السياسة والادارة والحكم تعترف تدريجيا الآن بأن اول تجربة جادة لاستقرار الحكومات قد تشهدها البلاد مع الحكومة الحالية بعد انتخابات التاسع من تشرين الثاني (نوفمبر).
انجاز ذلك يتطلب بالضرورة مجلسا قويا للنواب بعد الانتخابات يتعاون بوعي الى اقصى حد مع الحكومة وبتركيبة غير مزعجة وغير متطلبة، خصوصا بعدما افلتت الحكومة الحالية من مطب مقاطعة التيار الاسلامي للانتخابات بأقل الخسائر السياسية فقد توافق الاسلاميون مع رؤية الرفاعي لتأخر الاصلاح السياسي واتفقوا معه نسبيا على خطة الانسحاب من الانتخابات حتى بعد المقاطعة.
المصدر : الحقيقة الدولية - االقدس العربي
المفضلات