اللهم انصر الاسلام والمسلمين في كل اصقاع الارض
الف شكر
تعلُّم الصمت
إن اللسان من أعظم الجوارح خطرا، ومن أكثر ما يُدخل النار، وأشدها فتكا بدين العبد، وذلك لكثرة آفاته، وتنوع شروره من الكذب والغيبة والسب والطعن والعجب وفضول الكلام والقول على الله بغير علم وغيرها...، ولهذا تواردت النصوص الشرعية على الأمر بحفظه وإمساكه وكف شره، وأنه أعظم ما يجب أن تُتقى سقطاته، فعن سفيان الثقفي رضي الله عنه قال:" يا رسول الله أخبرني بأمر في الإسلام لا أسأل عنه أحدا بعدك، قال: قل: آمنت بالله ثم استقم، قال يا رسول الله فأي شيء أتقي؟ قال: فأشار بيده إلى لسانه".
وقد أكثر الناس قديما وحديثا النظم والتأليف في أدب الصمت وفضل السكوت وحفظ اللسان، وترك فضول الكلام، والحث على تعلم الصمت، ففي "مكارم الأخلاق" للخرائطي(483) عن أبي الدرداء رضي الله عنه كان يقول :"تعلموا الصمت كما تتعلمون الكلام، فإن الصمت حكم عظيم، وكن إلى ان تسمع أحرص منك إلى أن تتكلم، ولا تتكلم في شيء لا يعنيك، ولا تكن مِضحاكا من غير عجب، ولا مشاء إلى غير أرب - أي إلى غير حاجة -"
ونحن اليوم أحوج إلى إمتثال هذه النصيحة الذهبية بعد أن راجت بيننا وسائل الإتصال المتنوعة التي تسمح لمن شاء بقول ما شاء، وتأذنُ لكل أحد أن يكتب ما أراد، بلا رقيب ولا حسيب، حتى أضحى النكرة معلِّما وموجها، وبات الغَمر ناقدا وناصحا، ناهيك عن الفتاوى الشاذة والآراء الغَريبة والتصورات الباطلة، والنقاش العقيم، مع سوء أدب وتطاول وتجرُّؤ، وافتئات على أهل العلم الكبار، والإعجاب بالرأي وحسن الظن بالنفس والإغترار، وعدم المبالاة بالعواقب والمآلات، مما أفرز ضلالة كبيرة وهي تحقير العلماء الكبار، وتعظيم الأدعياء الصغار.
فليحذر العبد أن يكون مفتاحا لباب شر عظيم بسبب كلمة تصدر منه، فإن الكلمة إذا خرجت منك ملكتكَ، وإن حبستها في صدرك ملكتَها، وإياك أن تكتب شيئا لا يسرك أن تلقى به الله عز وجل، وتوقف عند كلمة أو جملة تريد قولها أو كتابتها، فإن كان الأمر مما يعنيك فتكلم فيه بخير، وإن كان غير ذلك فالسلامة في سكوتك وصمتك، قال ابن القيم:" ولا تتكلم إلا إذا ترجحت مصلحة الكلام، وعلمت أن فيه مزيدا لحالك ومنفعة لغيرك"، واذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم:" من صمت نجا"
المفضلات