إن الطفل يحتاج إلى الغذاء , ويمكن توفير حاجته الغذائية من أي مصدر , لكن أي تغذية للطفل لا يمكن ان تكون بمستوى لبن الأم , لا من حيث القيمة الغذائية فقط , بل لما يوفره من فرصة للإشباع العاطفي , ولإفاضة الحنان والحب على المولود , إضافة إلى ما تشعر به الأم من سعادة وسرور.
فحليب الأم تتناسب مركباته وحاجات الطفل خاصة في الاشهر الأولى , فهو قد تم تكوينه متوازنا فيما يحويه من معادن وأملاح ليفي بحاجات الطفل , يوما بيوم , ويعتبر رابطة فسيولوجية محسوسة بين الطفل والأم , وامتدادا لحبل الولادة , وفوق ذلك كله , فان قطرات حليب الأم التي يجتذبها الطفل , تصحبها دفقات عظيمة من العطف الحنان , تغذي نفسه إلى جانب تغذيته الجسدية.ونفس الشيء يقال عن الحضانة , فقد يتوافر من يقوم بشؤون الطفل غير الأم , لكن لا أحد يوفر له ما تغدقه عليه الأم من حب وشفقة وعطف وحنان.
لذلك قرر الإسلام أولوية الأم بإرضاع طفلها وأحقيتها بحضانته في السنوات الأولى من عمره , على خلاف بين المذاهب والفقهاء في تحديد تلك السنوات.
إن انفصال الطفل عن الأم , وحرمانه من فيض حبها وعطفها يحدث آثارا سلبية عميقة في نفسه, تنعكس على تشكيل شخصيته, ومستقبل سلوكه, وسيرته في الحياة. وكان العرب حينما تعجبهم متانة شخصية انسان وقوتها, يصفونه بانه (شبعان من حليب امه ولم يرضع حليب غيل قط) للتعبير عن ارتواء نفسيته, عطفا وحنانا في صغره, مما جعله قوي الشخصية والجنان في ما بعد.
المفضلات