أبدى وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو تفاؤله بشأن مستقبل منطقة الشرق الأوسط، وشدد على أهمية "إعادة تطبيع التاريخ" المشترك بين الشعوب عبر تحقيق التعاون السياسي والاقتصادي والثقافي بما يضمن الاستقرار والأمن للجميع.
وقال أوغلو إن على أوروبا أن تقبل التعدد الحضاري في إطار الاتحاد الأوروبي حتى تكون قادرة على استيعاب تركيا، ولفت إلى أن أنقرة لن تضحي بأمن الشعب الفلسطيني وحقوقه من أجل أمن إسرائيل، وشدد على أن بلاده تسعى إلى تحقيق العدل والسلام لجميع شعوب المنطقة وأنها ستواصل دور الوساطة في النزاع العربي-الإسرائيلي.
جاء ذلك في حفل توقيع كتاب "العمق الإستراتيجي: موقع تركيا ودورها في الساحة الدولية"، الذي أصدره أوغلو عام 2001 إبان عمله أستاذا جامعيا قبل أن يخوض غمار العمل الدبلوماسي.
ونظم الحفل في العاصمة القطرية الدوحة مركز الجزيرة للدراسات الذي تولى ترجمة الكتاب إلى العربية ونشره. وحضر الحفل رئيس مجلس إدارة شبكة الجزيرة الشيخ حمد بن ثامر آل ثاني، والمدير العام لقناة الجزيرة وضاح خنفر، كما حضر الحفل طارق الهاشمي نائب الرئيس العراقي.
أوغلو يتوسط الشيخ حمد بن ثامر آل ثاني وطارق الهاشمي أثناء حفل التوقيع على كتابه (الجزيرة نت)
أسس السياسة التركية
واستعرض أوغلو في كلمة سبقت التوقيع الأسس الإستراتيجية للسياسة التركية الخارجية التي تتبعها أنقرة منذ تولي حزب العدالة والتنمية مقاليد الحكم في البلاد، وأجملها في عدة نقاط منها مسألة العمق الإستراتيجي التي أوضحها بقوله إنه يجب عدم السماح للحدود القومية بين الدول أن تعرقل التواصل بين الجيران وصولا إلى حالة التكامل بين الشعوب والقوميات المختلفة.
كما شدد على أهمية التوازن بين الديمقراطية والأمن، ثم تعزيز العلاقات السلمية مع الجيران وحل جميع المشاكل العالقة مع دول الإقليم، ودلل على ذلك بتوقيع اتفاقيات مع دول كانت القطيعة تحكم العلاقة معها بسبب تداعيات الحرب الباردة آنذاك.
ولفت إلى مبدأ آخر في هذه الإستراتيجية، وهو تحسين العلاقات مع دول الأقاليم المحيطة ببلاده مثل القوقاز والبلقان عبر الاتصالات السياسية والتعاون الاقتصادي والتعايش الثقافي القائم على التعدد. وقال "إذا كانت هناك مشكلة في العراق، فهي ليست مشكلة العراقيين وحدهم، بل يجب أن نتذكر أننا مشتركون في جغرافيا واحدة، فمصير إسطنبول لا يختلف عن مصير بغداد أو القدس أو الدوحة، وهذا ما أسميه البعد الإستراتيجي".
وأكد أنه يمكن الوصول إلى شرق أوسط مزدهر، لأن دول المنطقة لديها جميع الوسائل لتحقيق الشراكة الإستراتيجية. وتحدث عن مشروع خط سكة حديد يربط مدينة إسطنبول بمدينة العقبة الأردنية وصولا إلى أوروبا، كما كشف عن وجود مشروع شراكة إستراتيجية بين تركيا ودول الخليج.
وركز الوزير التركي في حديثه على ضرورة تحقيق تعاون اقتصادي عميق يحقق الحرية والأمن للشعوب، وقال إن تطوير العلاقات العربية-التركية سيأتي بالاستقرار إلى المنطقة. وأشار إلى أن تلك الشراكة يجب ألا تقتصر على دول الإقليم، بل أن تمد الجسور باتجاه العالم والمؤسسات الدولية.
وردا على سؤال حول علاقة بلاده بإسرائيل التي شهدت تدهورا في الآونة الأخيرة قال أوغلو "نريد السلام، وفي نفس الوقت نريد احترام كرامة إخوتنا الفلسطينيين"، وأشار إلى دور بلاده في الوساطة بين سوريا وإسرائيل وجهود أنقرة في تحقيق السلام.
الطبعة الأولى من كتاب أوغلو صدرت عام 2001 وطبع منه حتى الآن 50 طبعة (الجزيرة نت)
أمن الفلسطينيين
لكنه شدد على أن "أمن إسرائيل ليس أكثر أهمية لنا من أمن الفلسطينيين"، وجدد رفض بلاده للحصار الإسرائيلي على غزة، بقوله "سنكون ضد سياسة أن تكون غزة سجنا مفتوحا". وأوضح أن إسرائيل إذا أرادت المضي في العملية السلمية فإن أنقرة ستواصل دور الوساطة.
واستكمالا لرده على أسئلة الجمهور، أوضح الوزير التركي أن عضوية بلاده في الاتحاد الأوروبي مرهونة بإرادة الطرفين، فعلى أوروبا أن تقبل التعدد الحضاري لاستيعاب تركيا، وفي المقابل يجب أن تكون أنقرة مستعدة للمساهمة في الاتحاد الأوروبي، وأضاف "إذا أرادوا أن تبقى أوروبا قوية، فعليهم أن يوافقوا على دخول تركيا".
من جهته قال رئيس مجلس إدارة شبكة الجزيرة الفضائية الشيخ حمد بن ثامر آل ثاني إن مركز الجزيرة للدراسات حرص على ترجمة كتاب وزير الخارجية التركي نظرا للدور النشط الذي تقوم به تركيا في السنوات الأخيرة وقربها من القضايا العربية، وأوضح في حديث للصحفيين أن تقديم هذا الكتاب يحقق فائدة الاطلاع على إستراتيجية هذه الدولة ليس فقط للقارئ العادي وإنما لأصحاب القرار.
يذكر أن كتاب "العمق الإستراتيجي" كان قد صدر في طبعته الأولى عام 2001، وطبع منه حتى الآن 50 طبعة منها 14 في العام الجاري، وترجم إلى عدة لغات عالمية.
المصدر: الجزيرة
المفضلات