تحذر دراسة إسرائيلية إستراتيجية من تبعات استمرار التمييز ضد فلسطينيي الداخل وتوصي باندماجهم بشراكة أوسع تحت سقف إسرائيل كـ"دولة يهودية"، وذلك خدمة لمصالحها وصدا للمد الديني والقومي.
وتفيد الدراسة التي حملت عنوان (العرب في إسرائيل من الاغتراب إلى الاندماج) الصادرة عن معهد دراسات الأمن القومي بأن "هبة القدس والأقصى واستخلاصات لجنة أور للتحقيق بأحداثها، أحدثت تغييرا في نظرة صناع القرار في إسرائيل تجاه مواطنيها العرب واعتبارهم موضوعا ذا أهمية إستراتيجية".
وحذر معد الدراسة إفرايم لفي من مخاطر زعزعة الاستقرار نتيجة استمرار التمييز ضد فلسطينيي الداخل، ويتفق مع دراسات إسرائيلية سابقة حذرت من مخاطر تدويل قضيتهم أحدثها دراسة لمعهد "رؤوت" بعنوان (عرب إسرائيل من قضية داخلية إلى التدويل).
ونبهت هذه الدراسة من "تدخل متنام للمجتمع الدولي بقضايا الفلسطينيين كأقلية قومية مضطهدة منوهة لمخاطر تصعيد نزع شرعية إسرائيل في العالم خاصة بعد الهجوم على أسطول الحرية لكسر الحصار عن قطاع غزة".
ويشير الباحث إلى أن العرب في إسرائيل (18%) "ما زالوا يشكلون جماعة تواجه الإقصاء والتمييز المنهجي وغير الرسمي تنعكس بتشريع القوانين، وتقاسم الموارد والميزانيات وفرص العمل".
الحل بالاندماج
وتتمحور الدراسة في تبيان أهمية اندماج فلسطينيي الداخل دون المساس بهويتهم الثقافية والأهلية بدوافع ترتبط بمصلحة إسرائيل.
ويؤكد الباحث أن نظريته لا تقوم على معايير أخلاقية قائلا إنها تخدم المصلحة الإسرائيلية القومية بصرف النظر عن إنجاز تسوية سياسية مع منظمة التحرير أم لا.
ويقر بأن تقدم حياة المواطنين العرب بالعمل والتعليم ومختلف مجالات الحياة يتم بوتيرة بطيئة.
ويوضح إفرايم لفي أن فلسطينيي الداخل تتجاذبهم منذ ثلاثة عقود مسيرتان متناقضتان هما "الأسرلة والفلسطينية"، ويشير إلى أن "مسيرة أوسلو عكست للمواطنين العرب أن تسوية الدولتين أبقتهم خارج صورة الحل وكرست هامشيتهم المزدوجة".
إفرايم لفي حذر من زعزعة الاستقرار نتيجة التمييز ضد الفلسطينيين (الجزيرة نت)
الحركة الإسلامية
وتحت عنوان (تأسلم العرب في إسرائيل) يحمل الباحث على الحركة الإسلامية منذ نشوئها عام 1972 ويتهم الحركة بقيادة الشيخ رائد صلاح بخدمة ميول إسلامية انعزالية متمثلة بـ"المجتمع العصامي".
ويرى أن عدم وضوح مكانة المواطنين العرب كجماعة خاصة بعد التشديد على تعريف الدولة اليهودية يساهم في زيادة المنتمين للحركة الإسلامية كتعويض عن النقص الحاصل من ناحية الحقوق المدنية وفي المكانة المدنية.
ويشير الباحث إلى أن الحركة تستخدم دفاعها عن القدس وتنظيمها "مهرجان الأقصى في خطر" سنويا موردا لتجنيد الدعم من المجتمع العربي على طرفي الخط الأخضر ولتحريك النضال ضد إسرائيل وضد الاحتلال.
وتخلص الدراسة لعدة توصيات: بلورة سياسة تتجاوز المعيقات المختلفة لتعميق دمج فلسطينيي الداخل، وبناء علاقات أكثرية وأقلية تقوم على تفاهمات تنجز بالحوار بين الطرفين وربما يقود ذلك لتحديد مكانتهم دستوريا كأقلية إثنية تستحق المشاركة بالقيادة والتمتع بمساواة كاملة وتمثيل مناسب في مرافق الدولة وبالمؤسسة الحاكمة.
وتراهن الدراسة بأن ذلك سيؤدي لتبلور هوية مدنية إسرائيلية لدى المواطنين العرب ويقلص ظاهرة التحول للحركة الإسلامية ويصد الميول "الانعزالية" الدينية والقومية.
دوافع نفعية
وتوصي الدراسة بتخطيط سياسة شاملة لتطبيق توصيات "لجنة أور" وتحييد معيقات المساواة في العمل والتعليم وإصلاح نظام تخصيص الأراضي للبناء والصناعة وإشراك العرب بالتخطيط وزيادة مناطق النفوذ وتسوية مشكلة أراضي البدو في النقب والقرى غير المعترف بها.
وتنبه لفوائد أخرى لنظرية الدمج من ناحية أن "ازدياد معدلات النمو في إسرائيل منوط بمواطنيها العرب نظرا لتضاؤل الهجرة اليهودية من الولايات المتحدة وروسيا".
كما توصي "بالعمل لدى المجتمع اليهودي لإقناعه بأن إقصاء المواطنين العرب أمر سلبي من الناحية القومية الإستراتيجية وأن دمجهم حيوي"، معتبرة أن ذلك "سيثمر بالمدى البعيد في تعزيز مشاعر الانتماء للدولة وتعميق التأقلم المبادل بين الأغلبية والأقلية ونشوء مجتمع أكثر استقرارا ونزاهة".
وتنبه الدراسة لضرورة "حوار مسؤول بين قيادتي الطرفين يقوم على احترام الآخر مع تخاطب خال من التوجهات العنصرية".
المصدر: الجزيرة
المفضلات