أكد خبراء ومحللون ماليون أن تراجع إيجارات المساكن في الإمارات يزيد الضغوط على بنوكها المثقلة بقروض متعثرة من أفراد وشركات، مما يدفعها إلى تجنيب مزيد من أرباحها الصافية كمخصصات لهذه القروض.
وتسببت الأزمة المالية العالمية في عجز شركات كبرى مثل مجموعتي دبي العالمية الإماراتية وسعد والقصيبي السعودية وبعض المستثمرين الكبار عن سداد قروضها للبنوك الإماراتية، مما دفعها إلى تجنيب مخصصات للقروض, ومخصصات عامة إضافية تحسبا لمخاطر غير متوقعة.
وارتفعت مخصصات البنوك من ملياري درهم (544 مليون دولار) مطلع 2008 إلى 51.2 مليار درهم (13.9 مليار دولار) بنهاية أغسطس/آب الماضي، وفق أحدث إحصائيات مصرف الإمارات المركزي.
كما استنزفت نحو 78% من الأرباح الصافية للبنوك المحلية المدرجة في أسواق المال خلال النصف الأول من العام الجاري, والتي بلغت 9.3 مليارات درهم (2.5 مليار دولار).
وساد الأوساط المالية الإماراتية تفاؤل بأن تقلص البنوك مخصصاتها عقب تسوية مشكلة ديون مجموعة دبي العالمية، ولم يصدر مصرف الإمارات المركزي تعليمات جديدة للبنوك بشأن ديون الشركة، مما دفع بعضها إلى عدم تجنيب مخصصات.
بنوك الإمارات ستجنب مخصصات أكثر
لديون الأفراد والشركات (الجزيرة)
ضغوط على البنوك
ولفت المستشار المالي لبنك أبو ظبي الوطني زياد الدباس إلى أن الضغوط الكبيرة التي سبّبها تعثر شركات ومجموعات دبي العالمية وسعد والقصيبي على البنوك الإماراتية بدأت تتراجع, إلا أن انخفاض الإيجارات السكنية -خاصة في أبو ظبي ودبي- سيشكل ضغطا أكبر عليها.
فالبنوك ستضطر إلى زيادة مخصصات تمويلات عقارية منحتها لشركات أو أفراد يسددون أقساطهم من عائدات تأجير عقاراتهم المرهونة للبنوك أصلا، وبالتالي فإن انخفاض الإيجارات فاقم تعثر هؤلاء المقترضين في السداد، خاصة أن سوق البيع كخيار بديل ليس أفضل حالا أمام التراجع المستمر في الأسعار.
وقال الدباس للجزيرة نت إن ظهور حالات تعثر جديدة, واستفحال حالات قديمة في القروض العقارية, سيحمل البنوك على تجنيب مخصصات إضافية وفقا لتعليمات مصرف الإمارات المركزي ومؤتمر "بازل3" الذي عقد مؤخرا بسويسر وأقر قواعد جديدة للمصارف.
وأوضح أن هذا التعثر سيكون في تمويلات الشركات وليس الأفراد الذين اقترض أغلبهم بغرض السكن وليس الاستثمار.
وتابع أن لدى البنوك الإماراتية استثمارات ضخمة في القطاع العقاري حيث دفعتها الطفرة العقارية على مدار السنوات الخمس الماضية إلى ضخ مليارات الدراهم مع تزايد العائد الاستثماري في هذا القطاع الذي زاد متوسطه عن 46% خلال تلك المدة، ويتراجع حاليا إلى درجة متدنية جدا.
تسوية ديون دبي العالمية وشركات إماراتية أخرى كبرى ستساعد البنوك على تقليص المخصصات العام المقبل
لا أزمة بعد
غير أن المحللة المالية في شركة الفجر للأوراق المالية بأبو ظبي مها كنز أكدت أن القطاع العقاري في أبو ظبي ودبي لم يدخل بعد مرحلة الأزمة.
وقالت للجزيرة نت إنه ليس هناك انهيار أو كساد كامل، بل تصحيح وتراجع مقبول، ورجحت أن يتعافى القطاع العقاري بتعافي القطاعات الاقتصادية الأخرى التي تشهد تحسنا ملحوظا.
ويتوقع أن تصل مخصصات البنوك للربع الأخير من العام الجاري إلى نحو 7.3 مليارات درهم (1.9 مليار دولار) منها 4.7 مليارات درهم (1.2 مليار دولار) لديون دبي العالمية، وستكون مخصصات البنوك على مدار هذا العام أقل من العام الماضي.
ويتوقع أيضا أن تقلص البنوك مخصصاتها للعام المقبل مع زيادة مؤشرات تعافي اقتصاد الإمارات عبّد تسوية مشاكل الشركات الكبرى.
يشار إلى أن انكشاف البنوك الإماراتية على ديون شركة دبي العالمية يبلغ 37 مليار درهم (10 مليارات دولار)، وسيتم سداد هذه الديون وفقا للتسوية بين خمس وثماني سنوات.
ووفقا لخبراء, ستتراوح التكلفة المتوقع أن تتحملها البنوك الإماراتية بين 10 و20%، أي بين 3.6 مليارات درهم (980 مليون دولار) و3.7 مليارات درهم (مليار دولار).
ويجمع الخبراء على أن البنوك ستجنب نحو 7.2 مليارات درهم (1.9 مليار دولار) من مخصصاتها هذا العام لديون دبي العالمية، ويتبقى 4.7 مليارات درهم (1.2 مليار دولار) سيتم تجنيبها حتى نهاية العام، مما سيرفع رصيد المخصصات التي جنبتها البنوك إلى 58.5 مليار درهم (15.9 مليار دولار) بنهاية العام.
المصدر: الجزيرة
المفضلات