الأردن.. مشروع لتنشيط خلايا مكافحة الفساد بعد انضمام الجنرال القوي سميح بينو للفريق
إختيار مجلس الوزراء الأردني للواء سميح بينو رئيسا لمجلس هيئة مكافحة الفساد ليس خطوة فنية محضة بعيدة تماما عن السياق السياسي، وإن كان وجود بينو وهو احد الأرقام الصعبة في عالم اصطياد الفساد وملاحقته سينتهي بشكل مرجح بتنشيط عمليات التصدي للفساد ويقلص الإنتقادات التي كانت توجه بالسر والعلن للهيئة الحكومية بسبب ضعف حضورها وجاهزيتها القانونية في الماضي القريب.
وبينو الذي عين رئيسا لذراع الحكومة في مجال مكافحة الفساد خيار سياسي وقانوني صلب بامتياز، فالرجل وزير ونائب برلمان سابقا والأهم أنه مؤسس جهاز مكافحة الفساد في مديرية المخابرات العامة قبل سنوات طويلة عندما كان يحتل مساحة متقدمة جدا في مؤسسة الأمن الأردنية.
ذلك يعني ببساطة ان الجنرال العائد بقوة للملعب بعدما غادره لعدة سنوات للعمل محاميا في القطاع الخاص من خبراء قليلين في البلاد يعرفون كل الزوايا المظلمة والبيروقراطية والمضيئة إضافة الى انه يعرف كل الناس وكيف تجري الأمور والأهم كيف يحصل الفساد أيضا.
ومعنى وجود بينو في رئاسة هذه الذراع ان الحكومة سياسيا فد تكون بصدد نقل ذراعها الرسمية فيما يتعلق بمواجهة الفساد من الإهتمام بالتفاصيل والقضايا الصغيرة لصغار الموظفين إلى متابعة شرسة للقضايا الكبيرة او التي تخص مناطق لم يكن الوصول إليها متاحا في الماضي بعيدا عن التسييس وفي إطار عمل مهني قانوني ملتزم لا يتأثر بالشائعات والأقاويل وضغوطات الشارع، وهي مسألة يعتقد ان الجنرال بينو من أهم خبرائها.
وكانت حكومة الرئيس سمير الرفاعي قد تعهدت في بداية تشكيلها أمام الرأي العام بأن تواجه ملفات الفساد بحزم وقوة وصلابة مهما تطلب الأمر من كلفة على شكل شغب ضد الفريق الوزاري.
ومن المرجح ان الحكومة ومن البداية تقصدت إظهار جديتها في هذا الإتجاه عندما كان أول قراراتها فتح ملف معقد وشائك إنتهى بمحاكمة أربع شخصيات نافذة جدا هو ملف شركة مصفاة البترول الخاضع الآن بعد إدانة المتهمين في محكمة أمن الدولة لسلطة محكمة التمييز.
وقتها ركزت الحكومة على أهداف محددة ذات طابع سياسي في التعامل مع ملف مصفاة البترول فرصدت أخطاء واجتهادات مبعثرة سجلت على بعض أجنحة إدارة العملية فيما يخص مصفاة البترول. واليوم يعتقد ان الإستعانة بالجنرال القوي سميح بينو هدفها تجنب البعثرة والأخطاء في إدارة البعد الإجرائي والقانوني لكل مشاريع وعمليات مكافحة الفساد المستقبلية، والرجل معروف بدقته وتأصيل خطواته قانونيا في هذا الإتجاه مع الحفاظ على الهيبة ونظافة اليد بالوقت نفسه إضافة لتكون الخبرة لديه عن الجميع وبالجميع.
لكن سياسيا يمكن ملاحظة ان حكومة الرفاعي تقرر إدخال اللواء بينو إلى مفصل مهم في الفريق في الوقت الذي يمتلىء به الشارع السياسي بشائعات وتكهنات عن تغييرات في مناصب عليا وعن احتمالات تأجيل الإنتخابات وحتى رحيل الحكومة في بعض السياقات وهي حلمة تكهنات هدفها متجدد في المشاغبة على الحكومة الحالية وتقليص فرصتها في إجراء انتخابات عام 2010.
لذلك كان انضمام الجنرال بينو للحلقة حدثا سياسيا وإعلاميا وبيروقراطيا في الوقت نفسه له دلالاته.
المفضلات