اغنياؤنا واغنياؤهم !!
اجبد - كتب نبيل غيشان في صحيفة العرب اليوم : نقرأ في الاخبار ان "الزناقيل " حول العالم يتنافسون على اعمال الخير ويهددون اطفالهم بالحرمان من الميراث,بينما اثرياء العرب يكنزون المال من اجل تربية سلالات جديرة بالعيش و"حلب" الشعوب.
ويقود اغنى رجل في العالم (بل غيتس) صاحب شركة مايكروسوفت توجها من اجل تشجيع اثرياء العالم للتوجه للاعمال الخيرية, فقد بلغ مجموع ما تبرع به غيتس لدعم صحة الاطفال في افريقيا وآسيا 18 مليار دولار صرفت على تطعيم 250 مليون طفل افريقي ويقول خبراء الصحة ان عمل غيتس هذا منع او اجّل موت خمسة ملايين طفل.
وقد هدد هذا "الزنقيل " اولاده الثلاثة بانه لن يترك لهم اموالا طائلة من ثروته لانه ينوي الاستمرار في صرفها على اعمال الخير وانقاذ ارواح البشر, ويعتبر غيتس ان ترك امواله للورثة " فكرة غير سديدة لا للاطفال ولا للمجتمع ".
وقد استطاع غيتس ان يقنع (حتى الان) اربعين من زملائه الاثرياء حول العالم بالتبرع باجزاء من ثرواتهم وقد وجد غيتس نفسه في موقف محرج عندما خطط لجولة في الصين لاقناع "زناقيلها" بالتبرع لاعمال الخير فقد وجد امامه "زنقيل" صيني يرفض ان يسير على خطواته بل انه اعلن عن تبرعه بكامل ثروته بعد وفاته لاعمال الخير.
طبعا (بل غيتس )اعتبر ان زميله الصيني "تخنها" وزاد جرعة الخير الى درجة لا يمكن مجاراتها, والصحيح ان الثري الصيني واسمه جوانجبياو (43 سنة) رجل عصامي طور نفسه بعد ان كان ينام في الشوارع ويعمل في جمع النفايات, ليصل الى مرحلة تدوير المخلفات واعادة تدويرها في مصانعه, لكنه لا ينسى تاريخا طويلا من التشرد والفقر فيعد بتوزيع ثروته (560 مليون دولار) على اعمال الخير.
إنها حالات تستحق الاحترام والتقدير, لان اصحابها يبحثون عن عمل الخير دون استغلال ضعف الآخرين بل انهم يصرفون على اشخاص لا يعرفونهم وفي بلدان لم يزوروها من قبل, والسؤال اين نحن كعرب من هذا "الذوبان" في اعمال الخير?
لم يخل تراثنا العربي من اصحاب الايادي البيضاء واهل "الكرم والسخاء " ابتداء من حاتم الطائي وجابر عثرات الكرام وغيرهما من الساعين لمرضاة الله لكن كلها اعمال لها علاقة بالبطون دون العقول. في الغرب يتبرع الاثرياء للبحث العلمي من اجل تسهيل الاختراعات والاكتشافات العلمية والطبية لانقاذ الناس, بينما يتبرع اثرياؤنا لسد رمق الحياة فقط دون الاهتمام بالمجتمع وصحته وتقدمه العلمي.
في عالمنا العربي عادة ما يرتبط التبرع والصرف على اعمال الخير في الاعياد والمناسبات الدينية وتحت ضغط "الوازع الديني" وهو عنصر مهم يلتقي مع "وازع الضمير" في انجاز مهام انسانية تساعد المجتمع.
ويمكن هنا ان نذكر بحالة عربية تحاكي اثرياء الغرب, وهي قصة الامير السعودي الوليد بن طلال الذي تبرع خلال الثلاثين سنة الماضية بحوالي مليار ونصف المليار ديناراردني وزعت في 61 دولة واكثرها صرف في المملكة العربية السعودية ولبنان وفي وجوه مختلفة من العمل الخيري والانساني في الصحة والعلم ولمداواة جراح الفقر والجهل.
نريد ان نسمع عن حالات لاثريائنا ليس فقط بالتبرع بما تجود به انفسهم, لان لمجتمعاتهم عليهم حقا, بل نتشوق لسماع اخبار عن ترك "زنقيل عربي"اجزاء هامة من ثرواته لصالح الجامعات والمراكز البحثية ودور العلم, لا ان يبقى الاثرياء "يحلبون" اوطانهم ويكنزون ثرواتهم من اجل اولادهم واحفادهم, فمن يجرؤ على ذلك?
المفضلات