(صايلْ)
عبد الهادي راجي المجالي - أمس كنت بباب (السيفوي)..
أنا بصراحة أمارس المشي في (البارك) هناك وبعد كل (15) دقيقة أتوقف على المدخل للاستراحة... وأراقب الناس.
جاء (تكسي) يحمل عائلة أظنها من عمان الشرقية مكونة من الاب والام و(4) افراد (3) ذكور وبنت في ال(12) من العمر اسمها آمنه... جاءوا ربما (للكسدره) او لشراء اشياء بسيطة.
دفع الوالد الحساب ونزل الطاقم... بما فيهم المدام والتي ارتسمت على محياها علامات الانبساط لدرجة ان صوت (طقطقة) العلكة في فمها كان واضحا.
المهم ان التكسي غادر.. وتبين ان الطفل الاصغر في العائلة (صايل) قد نسي الفردة اليمنى من (الصندلْ) الخاص به في التكسي.. طبعا ردّة الفعل كانت لدى الاب هي النظر في الموقف علّه يجد التكسي أما الام.. فقد استغلت مراقبة الوالد للموقف الخاص بالسيارات وقامت بتعنيف (صايل) قليلا عبر فرك اذنه اليمنى.. بالمقابل بقية افراد العائلة لم يكترثوا لصندل (صايل).
لكن صايل بدأ بالبكاء والمشكلة انه مكتنز مليء الجسد.. ووزنه يتجاوز ال(40) كيلوا على اقل تقدير.. ومن الصعب حمله، ويريد الحصول على فردة صندله..
بعد ذلك بدأت العائلة باقناع صايل بنسيان الامر ووعده الوالد بشراء صندل جديد.. ولكن محاولات التهدئة لم تفلح واستمر الفتى بالبكاء.
صراخه بدأ يلفت انتباه الناس، وهذا ادى الى تدخل الاب بشكل مباشر وعنيف وصفعه على الرقبة مباشرة.. كان صوت الصفعة مدويا.. الام بعد ذلك تدخلت واشارت الي بيدها وقالت لصايل: «أساع بجي الحرامي بوخدك شايفوا هيو واقف».. يبدو ان المدام غبية وليست بهذه الدرجة من الوقاحة.. حتى تشير الي وتصفني بالحرامي..
استمر صايل بالبكاء.. وبدأت المناوشات بين الاب والام.. وبدأ الملل لدى بقية افراد العائلة الذين يريدون الدخول الى (السيفوي) ومع ذلك ظلّ صايل مستمرا بالبكاء.
في النهاية تم اقناع الفتى بالدخول الى السيفوي وأنا دخلت خلفهم.. كان يسير (بفردة واحدة).. ولان الوضع غير متوازن او سوي.. خلع الفتى الفرده اليسرى وحملها وبدأ بالكسدره.. حافيّا .
بقيت اراقب المشهد.. حتى وصلوا الى القطاع الذي يحتوي على الخضار وهناك قام صايل بقضم (خياره) فتعرض لصفعه ثانية.. لانك لا تساطيع الاكل دون دفع الحساب.. ولكن الفتى لا يفهم هذه الاشياء ربما.
بعد (3) ساعات من الكسدره خرجت العائلة وكل ما اشترته هو (ربطة خبز) وكيس مليء باشياء بسيطة ورخيصة.. والغريب ان صايل بقي حافيا وحاملا للفرده اليسار من الصندل في يده.
والمشكلة ان العائلة كانت (يطبطب) على كتفه وتطالبه بالانتياه للفردة اليسرى.. وتنصحه بالمحافظة عليها لدرجة ان الوالدة كانت تنبهه قائلة: (دير بالك اتضيعها).
جاء تكسي وغادرت العائلة... ولكن السؤال الذي حيرني هو: ما دام ان الفردة اليمنى من الحذاء ضاعت ما هو جدوى الاحتفاظ باليسرى.
ولنفترض ان (الفردة) اليسرى عادت لخزانة الاحذية فما فائدتها طالما ان اليمنى ضائعة.
سيكبر صايل.. وسيضيع اشياء اخرى ويحاول الاحتفاظ باشياء عديمة الفائدة.
تماما مثلي فحين يضيع القلب ما جدوى الحروف اذا..؟
لا اريد ان اقارن بين المقال وصندل صايل.. ولكني اقارن بين القلب والقلم فالقلب هو الذي يكتب دوما..
وانا نسيت قلبي في تكسي وظل قلمي على اوراق الجرائد..
وما جدوى القلم من دون قلب.. كلنا مثلك يا صايل..؟!
المفضلات