سلوى واليهودية والتفاحة وحلم العودة . كتب د.ناصر اسماعيل جربوع اليافاوي
سلوى واليهودية والتفاحة وحلم العودة . كتب د.ناصر اسماعيل جربوع اليافاوي
سلوى امرأة مقدسية ، جمالها بجمال فلسطين والقدس وشوارعها العتيقة ، تضاريس وجهها الكنعاني ممتلئة بالأصالة التي لن تمحى ، نفسها العربي لازال فيه نقاء وحب وحنين، رغم محاولات المغتصبين أن يلوثوا سماءها وأرضها .
بعد ضغوط العمل والحياة أرادت سلوى المقدسية - بعد تكرار تجارب السفر خارج فلسطين - أن تجعل من فلسطين التاريخية محطة لتحقيق الراحة النفسية والسعادة، ولكن هذه المرة كانت رحلة لا تهدف إلى تخفيف الضغوط اليومية ، وتحقيق الراحة النفسية فحسب ، بل كانت تنوي تحقيق البعد التأملي ودراسة مقارنة بين فلسطين الحبيبة وما كتب الله من بلدان كانت قد زارتها ..
دهشت سلوى الكنعانية مما رأته من سحر وجمال لفلسطين وأرضها وتضاريسها ووديانها ومياهها العذبة، وجبالها المكسوة بحلل من سندس وإستبرق .
تجولت في شوارع حيفا وطبريا، وانطلقت عبراتها ودموعا عند جبال الكرمل ، وبكت حينما رأت عيونها ، وسمعت أذنيها هدير بحر يافا الغاضب المتحسر من لوعة الفراق ، ورأت حقول وبساتين أجدادها لازالت شامخة منتظرة في مدينة اللد الكنعانية الصامدة التي لم تركع وتذعن للتاريخ الصهيوني الطارئ المزور .
رأت عند أطراف منزل جدها - لأمها – شجرة تفاح يتدلى منها غصن من ثمار التفاح الشامي المتداخل بلونه الأصفر والقرمزي ، فشدها الحنين إلى تفاح جدها ،وهللت فرحًا وذهبت ببراءة الفلسطينية ، وبخطى ثابتة ملؤها نشوة الانتصار الخفية، وقطفت ثمرة من تفاح بلادنا ، وفجأة ينعق غراب يعكر صفو العصافير التي كانت تظلل سلوى وزوجها ،ومن داخل بيت جدها تخرج عجوز يهودية شمطاء ، وتصرخ في وجهم قائلة ( هذا بيتي وهذه أشجاري ، وكان سؤال اليهودية الذي أثار غضب سلوى ،هل تحبون أن يعتدي احد على بيتكم !؟) هنا بكت سلوى ، وتغيرت ملامح وتضاريس وجهها البريء الحالم، وقالت وهى تبكى وتصرخ هذا بيتي وبيت أجدادي أيتها الشمطاء ، فضحكت اليهودية وسلاح الخبث يكسو وجهها ورائحة كريهة تخرج من فمها ، هل أنت لازالت تحلمين أيتها العربية ، هل لازلتم تعتقدون انك عائدون ، قبل أحلامكم فكروا كيف توحدون غزة مع الضفة ويكون لكم كيان واحد بدل من كيانين ، ثم ابحثي عن بيت جدك في يافا واللد ، وبعد ذلك يحق لكم أكل التفاحة ، وهجمت اليهودية بقسوة ، وانتزعت ثمرة التفاح من يدها، وبهت لون وجهها ،وأطرقت سلوى رأسها باكيه ، وشرع عقلها يفكر بكلام اليهودية المغتصبة ، ونظرت الي أسرتها، وغاصت في بحر عيونهم وقلوبهم ، ووجهت إليهم أسئلة وهي تدير ظهرها وترفع رأسها الممتلئ فكراً إلى السماء، وأصبح جسدها ثقيل ، وقدميها لا تطيق المشي، وترفض أن تتقهقر مثل جيوش الإنقاذ ، وقالت هل سنعود يا زوجي ؟ هل سنعود يا ولدي ؟ ونأكل ثمار التفاح والعنب في بلادنا؟ أم ننتظر تعديلات وزارية أخري؟ واجتماعات قمة ؟ وبطولات فضائية تعيد إلينا كرم التفاح والتين ، ويعود صبر مدينة اللد وينبت من جديد .. د. ناصر اسماعيل جربوع اليافاوي كاتب باحث فلسطيني
منقول
المفضلات