مرونة الاحتواء تظهر كخيار في أداء الحكومة.. ورسائل "ايجابية" للإسلاميين
الاردن.. منهجية لعزل ملف الحراك التعليمي عن حركة التحريض السياسي
اتجاه الحكومة الاردنية نحو معالجة احتوائية لملف الحراك التعليمي قبل ايام فقط من بدء العام الدراسي يؤشر على قرار حكومي باطني بتأخير "المعالجة" لاسباب تكتيكية حتى اللحظات الاخيرة، فسلامة البدايات فيما يخص العام الدراسي المقبل هي المسألة المركزية والعام ينبغي ان يبدأ بدون مشاغبات او مسيرات او مظاهرات كما يقول الدكتور خالد الكركي وزير التربية والتعليم .
ومن الواضح ان الحكومة حتى تضمن نتيجة فعالة لقرارها الخاص بالتراجع عن احالات على الاستيداع والتقاعد وهي قرارات حركت شارع المعلمين وتم تأخيرها حتى يعبر شهر رمضان بدون اثارة او ضجيج، فبتقدير الحكومة ان استقرار العام الدراسي مسألة لا تقبل القسمة على اثنين كما يقول مستشار رئيس الوزراء سميح المعايطة، لذلك تعجل الدكتور الكركي بالتنسيب لمجلس الوزراء بالتراجع عن قرارات سابقة عزلت نحو 45 مدرسا من نشطاء الحراك التعليمي وتم الاعلان رسميا عن ان هؤلاء يستطيعون تقديم نماذج العودة لاعمالهم، وهو ما حصل فعلا على امل ان تعود مظاهر الحراك التعليمي الى مربعها الاول الاساسي وهو جمهور معلمين يطالب بنقابة وحكومة تعرض اتحادا ومفاوضات هادئة بين الطرفين وخالية من بصمات السياسيين وتحريضات بعض وسائل الاعلام.. على الاقل في مكتب رئيس الوزراء يفكرون بهذه الطريقة.
لذلك مهم جدا بالنسبة لرئيس الوزراء سمير الرفاعي ان ينجح الدكتور الكركي في المهمة التي جاء اصلا من اجلها وتتمثل في تصليب عود وزارة مهمة جدا كوزارته، وثانيا بابعاد الحراك التعليمي عن محاولات التسييس او الشغب، وحتى ينجح الكركي بذلك لا مانع من ان يحصل على مراده وهو التراجع خلافا للتقاليد عن قرارات اتخذها سلفه الوزير ابراهيم بدران الذي بدأت ازمة المعلمين اصلا مع عبارته الشهيرة التي دعاهم فيها لحلق لحاهم وتنظيف ملابسهم.
التوقعات الرسمية بان بعض الاوساط ستحاول دفع المعلمين للتصعيد والايحاء بان الحكومة ضعفت في مواجهة الحراك التعليمي، لكن في جلسات التقييم التي تجري وراء الكواليس ينقل عن الرفاعي سخريته من الربط بين قرارات تقاعد المعلمين ومبدأ "هيبة الدولة"، فالرجل يرى ان هيبة الدولة لا تتحقق عبر استهداف عشرة موظفين في الجهاز الحكومي بل تتحقق بمساحات اخرى تماما.
واذا ما تم الامساك بملف الحراك التعليمي دون ان تحصل معركة او يخسر طرف دون آخر يمكن القول ان حكومة الرفاعي التي لا زالت صلبة ومتماسكة رغم القصف الشخصاني الذي يطال رئيسها واركانها يمكنها استقبال مرحلة الدخول تماما في اجراءات الانتخابات العامة باسترخاء وسلام بالرغم من ضجيج المقاطعة الحزبية الاسلامية الذي تقول الحكومة انها تنظر له بعين شمولية.
وردا على موجة هائلة من الشائعات استهدفته شخصيا مع حكومته تقصد الرفاعي فيما يبدو على هامش الافطار السنوي لنقابة الصحافيين مساء الاحد التأكيد على ان الانتخابات ستجري في موعدها المقرر وبأقصى ضمانات النزاهة، مصرا على ان الحكومة مستعدة للانفتاح والحوار مع الاحزاب السياسية ولان المصلحة الوطنية تتطلب مشاركة الجميع في الديمقراطية.
الرسالة هنا محددة ومرسلة لعنوان اكثر تحديدا قد يكون الاسلاميين، فحتى بعض السياسيين المستقلين يعترفون بأن قانون الانتخاب الجديد يحتوي على فضيلة مهمة تنمي وتطور المشاركة الحزبية لان التفاصيل تعطي المرشح الحزبي بالدوائر افضلية عن غيره كما يرى رئيس الوزراء الاسبق علي ابو الراغب.
لذلك تنطوي رسالة افطار الصحافيين على تذكير للاسلاميين بان الحكومة لن تخاصمهم ولن تستهدفهم وتفضل عودتهم للمشاركة بالانتخابات، وهي مسألة لا يخفيها الرفاعي وهو يعرب عن تفضيله ليس فقط لوجود الاسلاميين في البرلمان ولكن ترحيبه ايضا بالحوار معهم وتلك قصة اخرى بكل الاحوال.
المفضلات