سمعني أكتب ذات خاطر:
"لن أنتظر منهم صدقة رمضان... فهم أبخل من أن يتصدقوا علي بصدقة رمضانية، وأنا أفقر من أن تقضيني صدقة..
أنا فقط قررت أن أتحدى الفقر والألم والجوع والعطش والنهم والوهم، وكل ما يصنف ضمن المشاعر السلبية، لدى من هو "ليس" بطبيعي..
نعم الفقر شعور ايجابي، الوهم أيضاً شعور ايجابي، وكل ماقد سبق هي مشاعر ايجابية بمنطق الطبيعيين في عالم "غير" طبيعي، إلا الغضب...
الغضب على الدنيا ومن فيها من أشخاص وأشياء، هو أكبر من أن يصنف ضمن كل ما هو ايجابي، وأنا قررت أن أمتهن الغضب أكثر من غيره، في بلدنا يدفعون كثيراً للغاضبين، أكثر من السياسيين...
أقضم أظافر دماغي "المليانة" بنهم الجائع الصائم، سأقتل هذه الدماغ قريباً، إنها توجع رأسي كثيراً بمتطلباتها الواقعية، وأنا لا أحب الواقعية أبداً، من يمتهن الغضب يبتعد عن الواقعية، الغضب تماماً كالحب، لا نعرف متى يأتي ومتى يذهب، وبحضوره تهرب المنطقية من الجيوب المجنونة، وبما أنني فشلت أشد الفشل في مهنة الحب، فجاء دور الغضب، في ذاتي شيء من التقهقر المجنون، مع أني لا أعرف معنى هذه الكلمة تماماً إلا أنني أشعر بها تعشش في ذاتي، لربما هذه إحدى آثار المهنة الجديدة...
كل المهن قد نسمع بعدها "مبارك العمل الجديد، تشوف على وجه السعد"، إلا هذه المهنة، هي أكبر من أن نتلقى عليها التهاني والأماني، ملك المشاعر هو الغضب، يمتلكنا بكل ما فينا من جوارح نابضة، يحيي نبض قلوبنا بعد موتها مثل جهاز الانعاش الياباني الصنع تماماً، ألا يلاحظون أولائك الذين يكرهون الغضب كيف تنبض قلوبهم بقوة عند غضبهم؟؟؟!!
وأنا الآن تنتابني نوبة غضب عارمة من كل ما هو شيء ومن كل ما هو ليس شيء، والأسباب كثيرة، يمنعني غضبي من اختزالها حتى في سبب واحد، ولكن يكفيني أن تعلم الدنيا أنني غاضبة عليها...
يا أيها الدنيا، إني لغاضبة عليك الآن أكثر مما قد سبق، فماذا لديك لتقتلي غضبي؟؟؟؟!!! "
ـ هو: ما الذي يغضبك من هذه الدنيا؟؟؟!!
إنها جميلة حد الخيال...
ـ أنا: ساذج أنت فعلاً "حد الخيال"، وأنا لا أحب الواقعية..
ـ هو: وما مشكلتك مع الواقعية إذن؟؟
ـ (أردت أن أجيبه: أنت..) لكن قلت : أنها ليست واقعية..
هي فقط ملامح ضاحكة للوحة بائسة، نرسمها لأنفسنا حين نقع في شباك الخيال المؤلم..
ـ هو: منطق غريب هو منطقك..
ـ أنا: ومن قال إنني أتحدث بالمنطق..
ـ هو: أنتن النساء غامضات دائماً...
ـ أنا: بل أنت من لا يريد أن أفهم...
ـ هو: ماذا أفهم، إذا كان كلامك ألغاز بألغاز وكلها حول الغضب...
ـ أنا: لا يكفي أن تسمع كلامي لتفهم.. بل بجب منك أن تغضب...
نظر إلي بغضب عارم، ومضى في طريقه وقد ترك في الجو رسائل العودة، علنا نكمل غضبنا ذات حوار، ونتفاهم بغضب...
المفضلات