عباس دخله عاريا من أي ضمانات وأوباما يأمله سلما لزيادة شعبيته
مارثون تفاوضي ثاني ينطلق بقاسم مشترك واحد هو المجهول
بتخطيط أمريكي أمتد لأشهر عديدة ماضية من خلال جولات المبعوث الأمريكي الخاص للشرق الأوسط جورج ميتشيل، أطلقت الإدارة الأمريكية شارة البدء لمارثون التفاوض بين الفلسطينيين والصهاينة في مرحلته الثانية.
المارثون التفاوضي أنطلق الخميس في البيت الأبيض، بحضور جلالة الملك عبد الله الثاني، والرئيس المصري حسني مبارك، ورئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، وغياب ممثل عن الاتحاد الأوروبي الذى آثر عدم المشاركة في تلك المفاوضات من دون إبداء أسباب واضحة.
متسابقا المارثون تجهزا على خط الإنطلاق على الرغم من عدم وجود أي قواسم مشتركة سوى الفشل الذي يلاحق الرئيس الفلسطيني أبو مازن، الذي لا يزال عاجزا عن إثبات نجاح نهج التفاوض الذي أنتهجه على مدار سنوات حكمه، ولا يزال غير قادر على تحقيق الوحدة بين الضفة والقطاع، ويلاحق أيضا الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي أتم منذ عدة أيام شهره الثامن عشر في البيت الأبيض وسط تراجع واضح في شعبيته وتصاعد تأثير الجمهوريين والشروع في تحقيق مكاسب سياسية ضخمة في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس الأمريكي.
أبو مازن يشارك في المارثون وهو عار تماما من أي ضمانات مسبقة تستر عورته التفاوضية، فالوسيط والراعي الأمريكي لم يتحدث حتى اليوم عن أي التزامات بشأن ضرورة أن تشمل المفاوضات المباشرة القضايا الجوهرية، مثل الحدود واللاجئين ووقف شامل للاستيطان ومصير القدس، وأصبح واضحاً أن مواقف واشنطن تتوالى في الهبوط لتنتهى إلى الوقوف بجانب الرؤية الصهيونية.
فبينما تبنى أوباما في خطابه الشهير في جامعة القاهرة قبل عام ونصف العام "حل الدولتين"، فإن إدارته بدأت تتعاطى على الأرض مع مواقف تنسف "مشروع حل الدولتين" من خلال التوافق العملي مع مواقف حكومة رئيس وزراء العدو الصهيوني بنيامين نتنياهو، وفي سبيل ذلك مارس أوباما الضغوط على الطرف الفلسطينى عبر الرسائل المتتالية التي وجهها إلى الرئيس محمود عباس، وهو ما أكده العديد من أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، فقد أكد بعضهم أن أوباما بعث يوم 16 يوليو الماضي برسالة يحذره فيها من أن "عدم استئناف المفاوضات المباشرة مع (إسرائيل) يهدد علاقة واشنطن بالسلطة الوطنية الفلسطينية".
وأضاف أحد أعضاء اللجنة التنفيذية للمنظمة أن رسالة أوباما إلى عباس تضمنت 16 نقطة راوحت بين التهديد والترغيب واعتمدت مقاربة "العصا والجزرة".
إنطلاق مارثون التفاوض جاء على وقع العملية العسكرية التي حدثت في الخليل، التي جاءت في السياق الطبيعي الناتج عن الاحتلال وعملياته الإرهابية ضد الشعب الفلسطيني في كل مكان، وما يقوم به في مدينة القدس من هدم للمنازل وترحيل أهلها وتهويد مقدساتها.
هذه العملية وغيرها بعثت برسالة إلى العالم والى المجتمعين على أن هناك طرفا فلسطينيا لا يمكن تجاهله في الساحة الفلسطينية ومتواجد بالضفة الغربية كما هو في قطاع غزة والشتات.
وبالتالي فإن المشهد الفلسطيني في المرحلة المقبلة سيشهد عودة الحياة للمقاومة في الضفة الغربية، وان كان هناك ضرورة لجبهات أخرى يمكن للمقاومة الفلسطينية ان تشتعل فيها.
المشهد بأطرافه الحاضرة، ومن هم خلف الستار يؤكد أن حلا سحرياً للصراع درب من دروب المستحيل، وأن أوباما لن يكون المخلص المنتظر، فالمفاوضات المباشرة التي أنطلقت الخميس على أرض أمريكية، هي قطعاً ليست مشهدا أمريكيا، فهو يفتقد الكثير من بريق هوليود السينمائي، فلا يحمل بين أركانه أبطالاً يمتلكون قدرات خاصة، ولكن على النقيض يجمعهم قاسم مشترك هو الفشل، أما خريف وشتاء المقاومة الفلسطينية، فربما يحمل انتفاضة جديدة، تقلب حسابات سائر الأطراف الأخرى ويكون لها صدى على صندوق الانتخابات التشرعية الفلسطينية ومصير حركة فتح وزعيمها محمود عباس، وعلى الديمقراطيين في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس على حد سواء
المفضلات