ابواب
رمضان زمان .. غير
كريمان الكيالي
تشيد الغالبية العظمى من الناس برمضان زمان ،باعتباره كان اكثر دفئا وقربا واقترابا من المعاني الدينية والإنسانية السامية التي تحملها فريضة الصوم ، بما يعني انه كان «غير».
اختلاف كبير بين صورته في الماضي عنها في الحاضر، لكن يبقى لهذا الشهر الكريم طقوس خاصة في العبادة والتراحم والتواصل والحرص على التكافل الاجتماعي، وتجاوز القطيعة ونبذ الخلافات ووصل ما انقطع بين الاهل والأقارب والأصحاب ، الذين باعدت بينهم ظروف الحياة ومشاغلها ومفردات عصر مختلف عن سابقيه ،حتى ان كثيرين يتمنون لو أن كل الاشهر هي رمضان برغم مشقة الصيام بخاصة في فصل الصيف.
وبرغم ما يشهده رمضان من ملامح تغييراجتماعي ايجابي ملحوظ ، الا ان رئيس قسم علم الاجتماع بجامعة عمان الاهلية «د.عزمي منصور» يقول بان هناك اسقاط للجوانب الدينية على الاجتماعية ، وصلة الرحم التي هي اكثر ما يتميز بها هذا الشهر، تتجسد في الولائم والعزائم والدعوات على موائد الإفطار والسحور والسهرات ، حيث ترسخت هذه اللقاءات الاسرية كتراث اجتماعي له بعد ديني ليس اكثر.
كما يرى «د.منصور» بأن هناك اقتناص لمناسبة قدوم رمضان في صور من البذخ الإستهلاكي ، والإستغلال الإقتصادي من اجل مزيد من الربح ، من خلال الحفلات والسهرات في المقاهي والخيم الرمضانية ، والتي اصبحت تقليدا لليالي الشهر الفضيل، وهي لم تكن موجودة في الماضي ، اضافة الى ذلك «رمضان « تغير واصبح شهر طعام وشراب وحلويات ومسلسلات تلفزيونية، افتقد القيمة الايمانية الكبيرة التي وجد من اجلها، باعتباره شهر الصوم والعبادة والتقرب الى الله تعالى ، بالإكثار من قراءة القرآن والصلاة والاحسان للفقراء والمحتاجين ،واصبح يخضع لفلسفة الرأسمالية الاستهلاكية التي يطغى فيها الجانب الدنيوي على الديني، الذي اصبح مضمرا مع الأسف فيما كان زمان هو المسيطر.!!
ويتفق «سامي 26عاما» مع ما ذهب اليه «د.منصور»، ويقول أنه يشعر بغربة كبيرة عندما يقارن بين شهر رمضان، الذي يحكي عنه جده وحتى أبيه، وبين الذي نعيشه هذه الايام ، فاجتماع الاسرة بعد الافطار تم استبداله بالخيم الرمضانية والمقاهي ، كما أن التكنولوجيا جعلت منه شهر دراما وفوازيروسهرات تمتد حتى مطلع الفجر وغيرها.
وتضيف « ليلى 48عاما « ان رمضان زمان كان أجمل وأقرب لتعاليم مدرسة الصيام، كان له نكهة خاصة مختلفة .. فانوس ملون ،انتظار مدفع الافطار ، الحرص على الصدق وعدم ايذاء الغير ، على اعتبار ان من يفعل غير ذلك يفسد صومه .
الاحساس بقيمة رمضان ايام زمان، كان اكبر بكثير من هذه الايام يقول «ابو غالب» ، حيث كان يقتصر الشهر الكريم على اداء العبادات ،وحتى تلك العزائم التي كانت توجه للاهل والاقارب لتقوية اواصرالمودة وتوطيد لصلة الرحم كان الاحساس بها مختلفا ، فيما هذه الايام اصبحت استعراضا باذخا لقدرات كل اسرة ، فغابت القيم الدينية واصبح التفكير في تقديم ما لذ وطاب على مائدة الإفطارهو الأهم.
كما يرتبط رمضان زمان مع «ابو مروان « بنهاية خلافات امتدت لعدة اشهر، بينه وبين شقيقه على ميراث والده وانتهت الى قطيعة ، لكن قدوم الشهر الفضيل ، وضع خاتمة لها ، واعاد وصل ما انقطع بينهما بالتسامح والعفو والمحبة، حين قدم اخيه وابنائه يباركون له بالشهر الفضيل ، ويدعونه إلى مائدة الإفطار لتكون هذه الدعوة بداية صفحة جديدة بين الشقيقين ، هدأت النفوس وتصافت القلوب وعادا لسابق عهدهما .
وتستذكر الجدة «ام خالد « اكلات رمضان ايام زمان وتقول : كانت مائدة الافطار بسيطة للغاية ،ولم تكن تحتوي كل هذه الاطباق التي نراها اليوم والتي ترهق الجهازالهضمي وربة البيت أيضا ، اما السحور فكان ابسط ،وكثير من الاسر كانت تعتمد على «مريس» قمر الدين بخاصة في ايام الصيف ،حيث كان يحمي الصائمين من العطش.
الى ذلك ترى ابنتها «فداء» والتي عاشت تلك الاجواء وهي طفلة ، ان رمضان كان يعني لها ولكل من حولها من الاطفال السلوك المهذب وطاعة الوالدين ،الى جانب الامتناع عن الطعام والشراب بالطبع !
رد مع اقتباس
المفضلات