ابواب
في اعراس هذه الايام
فواز خميس الشوا - ..في ايام رمضان تحلو الذكريات والحكايا عن مجتمعنا الذي نعيش ، اليوم نرنو الى حال الناس واعراسهم.
كان قديما وليس قديما جدا حين يريد احد الشباب ان يتقدم لخطبة احدى الفتيات كان يبعث بوالدته مع بعض قريباته ليروا العروس وكما يقولون لجس النبض بالنسبة للموافقة او الرفض. فاذا كان هناك القبول ويتبلغ الاب بذلك كان يذهب ويتفق مع والد العروس على كل الاجراءات بالنسبة للمتقدم و المتأخر وغيرها من الشروط التي كانت سائدة في تلك الايام.
ويتفق معه طبعا على الجاهة وكم عددها حتى يتسع البيت لهم وللجاهة التي سوف تستقبلهم، ويتم تحديد اليوم الموعود وتاتي الجاهة الكريمة وتستقبل بأحسن مظاهر الاستقبال والتكريم ويتم طلب العروس بواسطة كبير الجاهة الذي لا يشرب فنجان القهوة الا بعد سماع الموافقة من كبير جاهة العروس ويقرأون الفاتحة وتقدم لهم الكنافة او غيرها من الحلويات وشراب الورد ان امكن وفنجان القهوة والسلام ختام، ويكون بالطبع قد حدد يوم العرس فيما بعد، والعرس عادة كان يتم في منزل العروس حيث تتجمع السيدات من اقارب الطرفين والجيران والصديقات، وتشتغل الرقصات والزغاريد و الموسيقى والغناء حتى ساعة حضور العريس الذي يكون قد قضى ليلته مع اصدقائه سواء في الحمام او القهوة، ولا يجوز ان يكون مصمودا مع العروس لان هناك نساء محجبات يرقصن، لذلك لا يسمح له بالحضور الا حين استلام العروس من والدها وياخذها في زفة بسيطة الى بيته لتبدأ حياة جديدة.
كانت تلك الاعراس هي السائدة وكانت البساطة والقناعة هما عنوان تلك الحياة وعلى فكرة كانت الاهالي تجلب الهدايا للعرسان فهي اما اكياس رز وسكر وخرفان الى اخره. وهو كنوع من الدعم للعرسان.
واعتقد ان الاغنياء في ذلك الوقت ايضا كانوا يمارسون نفس هذه الطقوس، وقد اخبرتني احدى بنات اغنياء هذا البلد حين كتبت عن الحياة التي كنا نعيشها والبساطة في اثاث واغراض البيت اخبرتني بان اهل عمان فقيرهم وغنيهم كانوا يعيشون هكذا، حتى الغني لم تكن تظهر عليه (الفشخرة) او التكبر، كان الغني كغيره من ابناء البلد متواضعا يساعد الغير بصمت دون دعاية او اعلان .
اعود الى الاعراس ، قلت ان كل شيئ كان يتم ببساطة وانبساط، وكان يتم توزيع علب الملبس او الشوكولاته على الضيوف ويقدم لهم (كشك الفقرا) حسب قدرة اهل البيت، وكان الكل يرقص ويغني على انغام الطبلة والعود او على صوت المسجل القديم ذي الشرائط الكبيرة .
وعلى فكرة فان عرسانا كثيرين كانوا يقضون شهر العسل في رام الله باعتبارها مدينة سياحية ذات طقس رائع، ومنهم من كان يذهب للعقبة ايام كانت قرية صغيرة، المهم في الموضوع هو قضاء بضعة ايام خارج عمان.
لنأتي اليوم وننظر الى اجراءات ومراسم الخطبة والزواج.
النكبة الاولى لوالد العروس هو طلب والد العريس بان الجاهة سوف يكون عددها مائة شخص،فيطلب صاحب البيت تخفيض العدد لان البيت لا يتسع لهم فيصر والد العريس على طلبه وهذا مما يجعل والد العروس ان يطلب من جاره في العمارة فتح الشقتين على بعض حتى يستوعب العدد القادم، او يقوم بنصب سرادق في الشارع،بالاضافة الى صواني الكنافة والشراب وغيرها.
واعرف جماعة كانوا باستقبال جاهة اهل العريس حيث بدأت السيارات بالوقوف امام العمارة وبدأت الجاهة تصعد درجات العمارة للشقة المقصودة وامتلات الشقة عن اخرها كما نزلت بقية الجاهة في الشارع ، وركب البعض سياراتهم وذهبوا غاضبين من والد العروس الذي لم يقم بالواجب تجاههم ، علما بان المسكين كان قد طلب من والد العريس اختصار العدد حتى تتسع الشقة لهم.
من امور الجاهة ومشاكلها ومن الطلبات التي لا تنتهي نبدا بالاعراس ، اريد ان اقول بان هناك نوعين من الاعراس، الاولى اعراس الصالات الشعبية والتي لا يقوى اهل العريس ان يقيموا الاعراس بغيرها وهذه لا مجال للكلام عنها او التعليق عليها.
اما اعراس فنادق الخمسة نجوم فنرى الاسراف بعينه ، هنا ترى البعد كل البعد عن عاداتنا وتقاليدنا .هنا نرى ونحن داخلون بان كافة ممرات وادراج الفندق قد كسيت بالورود المستوردة توا من اوروبا بالاضافة الى الورود التي تكسو طاولات القاعة وعلى فكرة فكل هذه الزهور والتي كلفت الشئ الفلاني واقصد عشرات الاف الدنانير ترمى في اليوم التالي في صناديق القمامة.
ندخل الصالة ونبدأ بسماع الموسيقى الصاخبة حتى اذا نزل العروسان ودخلا الصالة يبدآن بقطع الكعكة والبدء بالرقص.
اما ان كان اهل العريس من الاثرياء فلا مانع من جلب احد المطربين او المطربات من الخارج ليغني ساعتين ويقبض ايضا مبلغا يساوي تكلفة العرس، واقسم بانني حضرت حفل زفاف كان كالمهرجان ولم يكن ينقص الا بعض المهرجين والحواة والقرداتي.
لقد فاتني ان اضيف شيئا هو ان عادة جديدة طرأت على المجتمع وهي ان والد العروس يجب ان يقيم حفلة عشاء كبرى في احد الفنادق او النوادي ولا بد ان تتم طبعا قبل العرس وتكلف ما يساوي عرسا جديدا، وتبدا طبعا الدعوات تهل من اهل العريس او العروس لاقامة حفلات الغداء والعشاء وليت ان كل من ذكروا اعلاه يتذكرون بان هناك اناسا تنام وبطونهم خاوية.
وما اريد ان اصل اليه فانك حين تقول لاحد هؤلاء الموسرين بان هناك عائلة مستورة وبحاجة الى بعض المال يرد عليك بانه يقوم كثيرا بدفع الصدقات بدون علم احد ويعتذر عن الدفع .
المفضلات