*** أول الـــــــــــــــرقص ...... !!! ***
هكذا تبدأ الأمور في العادة والرقص يبدأ حنجلة، كما يقال، وكانت المسيرة الفلسطينية الطويلة قد بدأت ما انتهت إليه من توقيعٍ لإتفاقات أوسلو وما تبعها منذ العام 1993 وحتى الآن بما يقوله خالد مشعل الآن فأبواب عملية السلام المضنية بدأ دخولها مواربة ثم مالبثت أن انفرجت على مصاريعها فكان كل ذلك الذي جرى والذي يجري الآن.
بدأت الخطوات الأولى عشية حرب تشرين الأول ( أكتوبر ) العام 1973 بالحديث عن حلٍّ على أساس إقامة السلطة الوطنية ( المقاتلة ) في الضفة الغربية وقطاع غزة ثم الحديث عن الإستعداد للتعايش بين الفلسطينيين والإسرائيليين ثم الإتفاق في جلسة المجلس الوطني الفلسطيني، التي انعقدت في القاهرة في العام 1977 وأُطلق عليها إسم الشهيد كمال جنبلاط ، على النقاط العشرة ثم بعد ذلك كرَّت المسبحة فكان إعلان الدولة الفلسطينية التي كان إعلانها غطاءً للإعتراف بقراري مجلس الأمن الدولي 242 و338 ثم كان ما كان إلى إن كانت إتفاقيات أوسلو وما تلاها وحتى الآن.
ليست هي المرة الأولى التي تبدي فيها حركة حماس إستعدادها للقبول بالمساومة التاريخية على أساس إقامة الدولة الفلسطينية على كل الأراضي التي أُحتلت في العام 1967 وبالطبع ووفقاً لقاعدة التدرُّج في الإسلام لتحريم الخمر فقد قال خالد مشعل إن القبول بهذه الدولة لا يعني الإعتراف بإسرائيل ويجب أن يكون في إطار هدنة لمدة عشرة أعوام وبشرط أن يتم إستفتاء الشعب الفلسطيني على هذا !!.
وهنا فإنه لابد من أن جيمي كارتر قد ناقش خالد مشعل وقادة حماس الآخرين حول كيف من الممكن أن تقبل إسرائيل بكل هذا وكيف من الممكن أن توافق على إقامة دولة فلسطينية بالمواصفات التي تحدث عنها رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية بدون أي مقابل وبدون حتى الإعتراف بها كدولة لها حق العيش في هذه المنطقة.
إن المؤكد أن كارتر قد تحدث مع خالد مشعل في هذه الأمور وأن المؤكد أن هناك قضايا قد قيلت هي ليست التي يتحدث عنها قادة حماس الآن.. والدليل على هذا أن الرئيس الأميركي الأسبق قد أدلى بتصريحات قال فيها أن هذه الحركة قبلت الإعتراف بإسرائيل على أساس الأمر الواقع وعلى أساس إقامة دولة للشعب الفلسطيني إلى جانب الدولة الإسرائيلية.
والسؤال هنا هو : لماذا يا ترى يتوقف خالد مشعل عند حدود الأراضي التي أُحتلت في العام 1967 إذا كان يعتقد فعلاً أن إسرائيل لأنها مهزومة ستقبل بدولة فلسطينية بدون أي مقابل وبدون ضمان الإعتراف بها وعلى أساس شروط حماس .. لماذا الهدنة لعشرة أعوام ولماذا لا يضرب هذا المجاهد ضربته ويقضي على هذا الكيان الذي قال عنه في حفل زواج إبنته أنه آيل للزوال وأنه سيـزول خلال فترة قريبة..؟!.
لا يعيب حركة حماس أن تقبل بما قبلت به منظمة التحرير فإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة في الضفة الغربية وغزة إنجازٌ تاريخي يستحق الإعتراف بإسرائيل ويستحق القبول بالمساومة التاريخية ويستحق أن يفك خالد مشعل إرتباطه بإيران وبـ فسطاط الممانعة والمقاومة ويستحق أيضاً أن تقدم فصائل العمل الوطني الفلسطيني الفعلية لبعضها بعضاً تنازلات تنظيمية حقيقية مجزية.
إن من يتمسك بالحكم في غزة على هذا النحو ويعض عليه بالنواجذ ولا يتورع من أجله أن يقتل الأشقاء وأبناء العمومة ويلقي بجثثهم من فوق الأبراج الشاهقة لاشك في أنه طالب سلطة وليس طالب جهاد فقط والواضح أن حركة المقاومة الإسلامية من خلال كل ما قامت به تريد الإنفراد بهذه السلطة ولا تريد شريكاً لها فيها وهذا هو سبب المأزق الفلسطيني المتفاقم الآن.
جريدة
الراي الأردنية
صالح القلاب
المفضلات