حذرت مجلة ذي إكونوميست في تقرير لها من أن الديمقراطية الفلسطينية تتعرض لتهديدات عديدة في كلا شطري الأراضي الفلسطينية، وأنها في حالة تراجع.
وأشارت المجلة البريطانية في تعليق لها على مستقبل الديمقراطية في الأراضي الفلسطينية وما تواجهه من تحديات، إلى أن أياً من رئيس الوزراء سلام فياض الذي يشرف على الضفة الغربية، أو "غريمه" ونظيره في قطاع غزة إسماعيل هنية، لا يريد إجراء انتخابات جديدة.
ذلك أن فياض ألغى مؤخرا الانتخابات البلدية، بينما يبدو هنية أقل تلهفاً لوضع شعبية حركة حماس التي ينتمي لها على المحك.
وفي غياب موعد لإجراء انتخابات جديدة وفي ظل عدم تفعيل بنود الدستور, يمارس المسؤولون الحكم عبر إصدار المراسيم. غير أن السلطة الفلسطينية بدلا من أن تبني دولة ديمقراطية, تمضي مسرعة نحو إقامة نظام حكم عربي مستبد آخر، طبقا لإكونوميست.
وذكرت المجلة أنه بالرغم من أن الحكومات الغربية أسبغت الثناء على فياض لكفاءة أداء حكومته وسلاسة إدارته فأغدقت عليه الهبات، فإن أعدادا متزايدة من المشككين الفلسطينيين يقولون إنهم لم يروا بعد ما يشي بوجود مؤسسات كان رئيس الوزراء في الضفة الغربية قد وعد بإقامتها.
ولقد ظلت حكومة فياض على مدى ثلاث سنوات ترفض المساعي الرامية إلى إحياء البرلمان "رمز السيادة الأكبر".
سلام فياض (الفرنسية-أرشيف)
فضائل فياض
ونسبت المجلة إلى ناتان براون من جامعة جورج واشنطن الأميركية القول إن التركيز على مناقب فياض الشخصية طغى على جملة من التطورات السياسية غير الحميدة.
فكانت النتيجة أن أصبحت إدارة شؤون الحكم في شطري الأراضي الفلسطينية صنوان، حيث باتت حركة حماس وفياض يحكمان بالمراسيم، وتم الدمج بين السلطة التنفيذية والتشريعية في كيان واحد.
ووعد كلاهما بإجراء انتخابات في وقت ما في المستقبل, في حين يقومان في هذا الأثناء بتطويق معارضيهما وإسكات وسائل الإعلام المستقلة غير المرخصة.
وفي إشارة إلى نيتهما الحكم بدون التقيد بنتائج الانتخابات الوشيكة, أعد فياض خطة حكومية أمدها سنتان, في حين أن لدى حماس خطة من عشر سنوات. وكلا الطرفين يحاولان التركيز على شعبيتهما بدلا من المشاركة الشعبية.
فالسيد فياض كثير الظهور في التجمعات الحاشدة طالبا من مواطنيه عدم شراء منتجات المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية, بينما نظيره في غزة إسماعيل هنية يستغل المساجد ويوزع شخصيا الدولارات على مواطنيه المحاصرين، على حد تعبير المجلة.
وتضيف قائلة إن معظم سكان شطري الأراضي الفلسطينية يتقبلون مراسيم حكامهم بدون تذمر خشية التعرض للعنف.
أما الاحتجاجات التي أعقبت إلغاء الانتخابات فكانت ضعيفة ومختصرة, وتدل استطلاعات الرأي الفلسطينية على أن معظم الفلسطينيين غير معنيين بذلك، فقد أنهكتهم الانتفاضات والقمع الإسرائيلي والاضطرابات التي تندلع من آن لآخر.
إسماعيل هنية (الفرنسية-أرشيف)
النموذج الأردني
ويضغط صناع السياسة الغربيون من أجل استئناف المفاوضات المباشرة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.
ويبدو أن ليس ثمة مزاج للترويج لجولة جديدة من الانتخابات خلال الأسابيع القليلة القادمة يمكن أن تسفر عن انتصار ثان لحماس، بحسب المجلة.
أما حركة فتح التي قالت المجلة إنها المنظمة التي يفضلها الساسة الغربيون، فهي منقسمة على نفسها وغير منظمة وهي تجابه اقتراحا مصريا بتشكيل حكومة تصريف أعمال جديدة تحل محل الحكومتين المتخاصمتين في كل من غزة والضفة الغربية، وتعد للانتخابات هناك، وهو ما ترفضه كل من الإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي.
وفي هذا السياق قال مسؤول أوروبي "إن آخر ما يرغب فيه الكثير من الأوروبيين هو رؤية حماس تمارس الحكم في الضفة الغربية، ونحن نفضل الانقسام وعدم إجراء انتخابات على المصالحة والانتخابات".
وفي المقابل يبدو أن البعض يفضل انتهاج النظام السائد في الأردن حيث يعلق الملك عبد الله الثاني البرلمان بين حين وآخر، ويحكم بمراسيم ولكنه يوفر الاستقرار ويرفض تهديد إسرائيل ويصغي بقوة إلى مؤيديه الأجانب كما يصغي لرأي مواطنيه.
المصدر: إيكونوميست
المفضلات