لا يزال الغموض يكتنف مسألة مصدر إطلاق صواريخ غراد التي استهدفت شواطىء مدينة إيلات الاسرائيلية وساحة فندق الانتركونتيننتال في مدينة العقبة ، ونتج عنها استشهاد المواطن صبحي العلاونة وإصابة أربعة آخرين ، وذلك بعد نفي السلطات المصرية ان مصدر الاطلاق هو من أراضي سيناء المصرية ، فيما جاء في خبر لاحق ان عدد الصواريخ كان ستة وليس خمسة صواريخ ، الأول سقط في سناء وأربعة استهدفت شاطىء ايلات وواحد سقط في العقبة .
وفيما تنقل الانباء عن السلطات المصرية ترجيحها ان من اطلق الصواريخ كانوا متواجدين داخل الاراضي الاردنية وليس داخل سيناء المصرية ،فإن صاروخا سادسا كان قد وقع قرب مركز للقوات الدولية في سيناء ، ما يشي بأن سيناء هي مصدر الاطلاق .
وعلى الرغم من انتهاء حملة التمشيط التي قامت بها سلطات الامن المصرية في جنوب سيناء وتحديدا في منطقة الوديان الواقعة على الحدود ما بين طابا ونويبع لم تسفر الحملةعن اعتقال أي مشتبه به في في تلك المنطقة المأهولة ،ونقل عن قوات الامن المصرية انها استعانت بتقارير قوات حفظ السلام الموجودة في مدينة شرم الشيخ ، ولكنها لم تعلن عن الصاروخ السادس الذي سقط في اراضيها .
من جهتها نقلت مصادر صحفية اسرائيلية عن خبراء المتفجرات في شرطة ايلات اعتقادهم ان صواريخ "غراد " التي اطلقت باتجاه خليج ايلات وسقط أحدها في العقبة هي ايرانية الصنع ويبلغ مدى هذه الصواريخ 20 كيلومترا وهي تحمل رأسا حربيا يزن 6 كيلوغرامات من المواد المتفجرة النمطية.
وللعودة للحديث عن نوعية الصواريخ واهدافها ، فإن هذه المرة الثانية التي تستهدف المدينتين الساحليتين المتجاورتين ، العقبة وإيلات ، ما يثير تساؤلا عن الهدف الأصلي لها ، والاحتمال الأكبر ان يكون مدينة إيلات التي تشاطىء خليج العقبة .
ولكن وحتى وقوع الحادث الثاني في ذات الموقع ومن ذات النوعية الصاروخية فإن مصدر الاطلاق مجهول مرة أخرى دون تأكيدات رسمية توضح أي حدود انطلقت منها الصواريخ في المثلث الدولي ، وزاد الغموض في ظل عدم تبني أي جهة لعملية القصف والهدف المنشود منها .
الأردن الذي يتمتع بعلاقات حسنة مع جميع الجهات ويتبع سياسة معتدلة ووسطية تجاه مجمل القضايا السياسية ، يتحصن خلف قدرات أمنية متفوقة ، وكفاءة استخبارية عالية طيلة سنوات مضت ، وهو يتحمل بنفس الوقت تكلفة عالية جدا ، نتيجة موقعه الجيوسياسي في منطقة تعتبر ملتهبة ، ومع هذا فإنه يسير في خطى ثابتة معتمدا على الحس الوطني الرفيع للمواطن الأردني ، والثقة العالية من الوافدين والزائرين للمملكة ، وعليه فإن الحكومة مضطرة الى الكشف عن مصدر تلك الصواريخ ، ومحاسبة الجهات التي تقف وراءها أينما كانوا ، وعليها تقع مسئولية حماية المواطن الاردني الذي لم يتوانى عن الدفاع عن وطنه .
وعلى الرغم من ذلك فإن أمورا غير مستحبة وثغرات قد تظهر هنا وهناك تحدث بغير منهجية ولا خلفيات سياسية ، ولا تؤثر على الصورة العامة للأردن الذي صمد طويلا وبكل قوة أمام تحديات عديدة خلال مسيرته التي وقف فيها مع جميع القضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية ، ولا يزال يدعم الاشقاء الفلسطينيين للوصول الى حل دائم يؤدي الى دولة فلسطينية قوية على التراب الفلسطيني تكون القدس الشريف عاصمة لها ، وحتى ذلك الوقت يدعم الاردن شعبا وقيادة الوصول الى مصالحة حقيقية بين فصائل وقيادات الشعب الفلسطيني الذي يوحده بطش وعدوان المحتل الاسرائيلي .
وإذ يستشهد المواطن الاردني صبحي العلاونة ، فإننا نسجله في اللائحة الطويلة التي تحمل أسماء شهداء الاردن البررة الذين قضوا في سبيل الله ودفاعا عن ثرى الاردن الطهور ، أو قضوا غيلة وغدرا بعدما امتدت لهم أيدي الغدر والجهالة ، ممن لا يفرقون بين حق الانسان في الحياة وقدسيتها ، وبين خلافات سياسية لا تحل بقتل الأبرياء والمواطنين الذين يتجشمون عناء العمل القاسي لتوفير لقمة الخبز لعائلاتهم في عمل يعتبر شعبة من شعب الجهاد .
لن ينكسر درع الأردن المحمي من الله تعالى أمام نبال الغدر والحقد المسمومة بالجهل والتغرير ، ولن ينكفىء الأردني الأبي ، ولن ينصاع لأي جهات مشبوهة لا تمثل أي حق وستبقى العقبة ثغرا أردنيا أكثر إشراقا وابتساما ، بعون الله وبهمة أبناء الأردن الأوفياء الذين نذروا أنفسهم فداءا للوطن .
عن عمون
المفضلات