المقال التالي منقول من موقع جراسا نيوز
دموع الأردنيين بنادق و دموع الأردنيات أسيدٌ حارق نحن الأردنيون عندما سكنّا غياهب الصمت و الحزن و الله ليس ضعفاً ، و لكن شفقة ًبوطننا الذي أحببناه ؛ فعندما اختلفت المرأتان على الرضيع وحكم القاضي بتقسيمه بينهما صرخت أمّه الحقيقيّة ( ابني لا تقطعوه فهي أمّه و أنا الغريبة عنه ! ) و صرخنا معها وطني لا تشنقوه فقد شربنا عشقه حتى الثمالة ، وهم شربوا الخمر على صحّته حتى الثمالة .. وطني لا تشنقوه فهو لهم وأنا الغريب .. أنا الغريب ! .. و أسعد أن أكون حارساً في كشكٍ زجاجيّ على أبواب مستثمر غريب وهميّ إذا كان في هذا سلامة وطني ، أحرس هذا المستثمر الغريب الوهمي الذي قذفت به مطارات العالم إلينا و أصبح بقدرة قادر أولى بوطني مني ! ذلك من تتبع جنسيته جنسية رأس ماله المشبوه ! خدعونا و قالوا سينقذكم ، وفي سرهم قالوا سيغرقكم ! .. و مع ذلك سأحرسه مني ومن أخي و من ابن عمي ! المهم وطني لا تشنقوه .
مرّ على بلادنا غزاةٌ و غزَوات منذ فجر التاريخ ، وكلّما اعتقد الشامتون أنّ الأردن انتهى أو يوشك على ذلك ، يخرج من بين الرماد مارداً لا أقوى و لا أبهى ! يتعجبون من الأردن لأنه بحجم الورد و يقف صامداً ! ، يتعجبون لأنهم لا يعلمون أنّ الأردن هو الأب البيولوجي لطائر الفينيق ، يتعجّبون من معجزة الأردن لأنهم لا يعرفون التاريخ ، وإذا عرفوه لا يستفيدون من دروسه .
يمرّ الآن أُردننا الغالي بغزوةٍ عليه من أبشع الغزوات ، يهاجمنا جيشٌ معتدٍ من عدّة فيالق ؛ فيلق المقدمة هو الغلاء الفاحش والفساد المالي ، و فيلق الميمنة هو الأفكار الهدّامة و الفساد الأخلاقي ، وفيلق الميسرة هو الفقر و البطالة ، و فيلق المؤخّرة هو العدوّ الصهيوني المتربّص بنا . اعتدنا نحن الأردنيون مواجهة الـغزاة وطـردهم ، فهل نستطيع أن نفعل ذلك أمام هذه الهجمة من هذا الجيش المعتدي بفيالقه الشريرة ؟ نعم نستطيع لأننا شعبٌ ذو تاريخ و لسنا شعباً طارئاً على التاريخ .
نستطيع كشعبٍ واع ٍأنْ نضع خططنا و ننظّم أفكارنا و صفوفنا بما يكفل انتصارنا في المعركة ، أقول نحن الشعب و لا أقول الحكومة ؛ لأنه ثبت أنه ليس لنا كشعب رأي له أهمية نستطيع من خلاله إقناع الحكومة أننا شعب ناضج لنا وجهة نظر بما يجب أن يكون عليه مستقبلنا و بضرورة حلّ المشاكل العالقة .
نستطيع الانتصار على فيلق المقدّمة و على جنود الغلاء الفاحش بأن نبتعد قدر الإمكان عن السّلع التي يرتفع ثمنها ، ويذكر التاريخ أن مجموعة شكوا لعلي بن أبي طالب – كرم الله وجهه – من غلاء الزبيب فأجابهم ( أرخصوه بالترك ) ، و كذلك نذكر عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عندما لام ابنه أشدّ اللوم لأنه وجده يتناول صنفين من الطعام على وجبة الغداء ! فلو مثلاً تركنا شربَ القهوة تماماً لمدة شهرٍ ماذا تتوقعون سيحدث ؟ لن نموت بسبب ذلك وسيرخص ثمنها ، وبالنسبة للفساد المالي و الفاسدين نستطيع نحن الشعب أن ننبذ الفاسدين و نظهر لهم قلة الاحترام و لا نجعل جلوسهم بصدر المجلس كما نفعل الآن فهم معروفين للجميع .
أما فيلق الميمنة وجنوده من الأفكار الهدّامة لشخصية و مستقبل شبابنا ، وتقليدهم الأعمى للغرب ، و انجرار بعضهم لتعاطي المخدّرات ، و الشذوذ الجنسي و الفساد الأخلاقيّ ، وموضة الزواج العرفي و أنواع الزواج الأخرى التي ما أنزل الله بها من سلطان ، فهذا الفيلق نواجهه بالإيمان و بمزيد من الإيمان ، وبالالتصاق بأبنائنا و مصادقتهم ، وعدم السّماح لهم بالانسلاخ عنّا و عن تراثنا ؛ ليعلموا أن التّطور و التّقدّم الصّحيّ يعني غرس جذورنا أكثر و أكثر بأسرنا ومجتمعنا و ديننا و تاريخنا و تراثنا الشرقيّ المبني على القيم والمبادئ الرّفيعة .
وفيلق الميسرة من الجيش المعتدي علينا و هو فيلق قويّ وجبّار ومتمكّن وهو فيلق الفقر و البطالة ، ولكن يمكن هزمه بالإرادة والتّخطيط الحقيقيّ لتنميةٍ اقتصاديةٍ فعلية تنعكس نتائجها على الواقع ، وكذلك بتعاون الأسرة و الأقرباء بتوفير فرصة عمل لمن هو عاطل عن العمل ولو بمشروع بسيط من خلال المنزل .
أمّا فيلق المؤخرة فهو أخطر الفيالق لأنه همجي الأهداف ، همجيّ التخطيط ، همجيّ العقائد ، همجيّ التطبيق : العدو الصهيوني ! و قضيـتنا معه قضية وجود و ليست قضية حدود ،فبلاد الشام بلادنا لا تتسع لنا و له معاً ، و لا أقصد بالاتساع البعد الجغرافيّ بل أبعاداً أخرى يطول شرحها و معروفة للجميع ، وهذا الفيلق نواجهه بأن نقف صدّاً منيعاً أمـام حلمه الأكبر بالتوسع على حسابنا ، وأمام حلمه الكبير بحل معضلاته الداخلية والخارجية على حسابنا ، وكأننا خانة النتيجة دائماً في عملياته الحسابية المشبوهة الموبوءة ! نستطيع الانتصار على هذا الفيلق الأشـدّ شراً بمزيد من التمسك بالوحدة الوطنية وبالالتفاف حول قيادتنا الهاشمية.
قيادتنا الهاشمية تدرك تماماً مخاطر هذه الفيالق على شعبنا ( الغلاء الفاحش والفساد المالي ، والأفكار الهدّامة والفساد الأخلاقيّ ، و الفقر و البطالة ، ومخططات إسرائيل ) و يصل جلالة الملك الليل بالنهار لحماية الأردن وشعبه ، و لكن هل ندرك نحن كشعب و حكومة هذه المخاطر و نضع الخطط الإستراتيجية القابلة للتنفيذ قصيرة المدى وطويلة المدى للتّصدي لكلّ هذا الهجوم من هذه المخاطر علينا ؟ حتى نحمي أنفسنا ووطننا ونكون سنداً لجلالة الملك في جهده الجبّار لحماية الأردن .
عبر التاريخ دائماً ننتصر على التحديات و الغزوات ، و يجب أن ننتصر كشعب ووطن هذه المرة أيضاً ، فليس لنا خيار إلا أن ننتصر ، لأن البديل لعدم انتصارنا كارثة حقيقية ، فإذا انهزم الأردنيّ و الأردنيّة أمام الغلاء و بنفس الوقت يُحقق الفساد المالي و الأخلاقيّ انتصارات ، و إذا لم يجد الأردني و الأردنية فرصة عمل توفر لهما حياة كريمة ، و إذا وجد الأب الأردني و الأم الأردنية أن أبنائهما يضيعون منهم في ظلمات الانحراف و الإدمان و الأفكار الهدّامة المستوردة ، وإذا وجد الأردني أن إسرائيل تنقذ نفسها على حسابه ، إذا حدث ذلك سيبكي الأردني قهراً و بمرارة ، وستبكي الأردنية قهراً وبحرقة .
لأجل وطني ، لأجلنا جميعاً ، أقول لمن يهمّه الأمر أن للأردنيين كبرياء ، فلا تحاولوا كسر كبريائنا ، أستصرخكم تجنبوا أن يصل الأردني و الأردنية لتلك اللحظة الخطيرة ، للبكاء ، لأن البكاء يعني اليأس ، واليأس هو أول خطوات التدمير الذاتي ، و عندها يجب أن تحذروا ، لأن دموع الأردنيين بنادق و دموع الأردنيات أسيدٌ حارق ، عندها الخاسر الأكيد هو المستثمر الغريب الوهميّ الذي سيضطر أن يحمل حقيبة سفره مليـئة بالسحت ويعود - غير مأسوفٍ عليه - من طريق المطار التي قادته إلينا ، و لكن هل سيكون هناك رابح ؟! هل سيكون الوطن هو الرابح في تلك اللحظة – حمانا الله منها - ؟ الله أعلم !
يمنع وضع الايميل
سميح العجارمة
المفضلات