تتيانا الكور- كثيرا ما يشيع بين أفراد مجتمعنا عبارة عندي القولون العصبي! وتجمع بين العديد من الأفراد أعراض كثيرة ومشتركة تقتصر على المعاناة من آلام غامضة ومتكررة في البطن مع وجود النفخة والغازات والامساك أو الاسهال، وبروز مخاط في الخروج مع عدم القدرة على هضم الطعام جيدا، بل ويشكو البعض من الحرقة والقرحة وفقدان الشهية للطعام. وتنتمي هذه الأعراض الى ما نسميه القولون العصبي وهو حالة يتفاعل أو يتعامل فيها الجهاز الهضمي لفرد ما بطريقة غير طبيعية نتيجة عوامل عدة من أهمها: تناول أنواع معينة من المأكولات أو المشروبات، الافراط في التدخين، التعرض لبعض حالات القلق والتوتر والانفعال والكآبة والحالات النفسية، بالاضافة الى السمنة والوزن الزائد و نمط الحياة المجهد والمتعب مع قلة ممارسة الرياضة. وتعتبر حالة القولون العصبي مؤقتة ولا تصنف كمرض عضوي.
وعادة ما تصيب هذه الحالة النساء أكثر من الرجال بنسبة تقارب الضعف، وفي عمر أقل من 45 سنة، حسب ما ورد في الاحصاءات العالمية.
وسأتناول اليوم جانب الحديث عن النفخة والغازات. فمن المأكولات التي تسبب الغازات في هذه الحالة هي جميع الأطعمة التي تحتوي على النشويات (وليس كما يعتقد البعض بأن الأطعمة البروتينية تسبب النفخة والغازات).
وقد لا يهضم جسم الانسان بعض النشويات، فتصل الى الأمعاء الغليظة حيث تقوم البكتيريا الموجودة طبيعيا في الأمعاء بهضمها بدلا من الجسم، مما يؤدي الى انبعاث الغازات. وهذه الغازات تتألف من أكسيد الكربون، والهيدروجين، والأكسجين. وتنتج الرائحة الكريهة عادة عن بعض البكتيريا الموجودة في الامعاء الغليظة. وتصل الغازات الى الجهاز الهضمي عن طريق الهواء الذي نبتلعه والطعام الذي نتناوله والذي لم يتم هضمه جيدا.
وكلما تناولنا الطعام أو الشراب فاننا نبتلع معه الهواء، كذلك فان تناول الطعام بطريقة سريعة، ومضغ العلكة، والتدخين، والأسنان غير المناسبة، كلها أمور تزيد من ابتلاع الهواء ومن الغازات في الأمعاء.
ومن أنواع النشويات التي تسبب النفخة هي البقوليات (مثل الفاصوليا والعدس والحمص والفول)، والخضار كالملفوف، والحبوب الكاملة (مثل القمح بقشره والبرغل) نظرا لاحتوائها على سكر الرافينوز. ومن الأطعمة النشوية الأخرى هي الحليب ومنتجاته لاحتوائه على سكر الحليب (أو ما نطلق عليه اسم سكر اللاكتوز) اذ يعاني البعض من نقص في الأنزيم المسؤول على هضم سكر اللاكتوز (اللاكتاز)، فتخف لديهم القدرة على هضم الحليب. وتتسبب النشويات في البطاطا والذرة والمعكرونة في النفخة لدى البعض. ويعتبر الأرز هو المصدر النشوي الوحيد الذي لا يسبب الغازات.
وبالاضافة الى الأطعمة النشوية، فتعتبر الأطعمة عالية الألياف من مسببات الغازات أيضا، وأغلبها يرتكز في الخضار والفاكهة والحبوب اذ أن الجسم ليس لديه القدرة على هضم هذه الألياف (خاصة لاحتوائها على مادة السليولوز غير الذائبة في الماء)، ويتخلص منها الجسم عن طريق البراز.
وتتسبب بعض الخضار بالغازات أكثر من غيرها كالبازيلا مثلا مقارنة بالتفاح والخس.
والجدير بالذكر بأن قدرة هضم الأطعمة تختلف من شخص لآخر اذ ان الأطعمة التي تسبب النفخة لشخص ما قد لا تسببها لغيره، فمثلا هناك بعض الأشخاص الذين يعانون من النفخة والغازات جراء تناول أطعمة عالية الدهن كتلك المطبوخة بالسمن البلدي أو المقلية بزيت بناتي، لذلك فان الحمية الغذائية الفردية هي من المرتكزات الأساسية في علاج القولون العصبي.
والحل الأمثل يكمن في تجنب تناول الأطعمة المسببة للنفخة والغازات والتي تختلف من شخص لآخر. وللتخفيف من أعراض الغازات، ننصح بما يلي: تناول الطعام ببطء مع مضغ الطعام جيدا وبتمهل؛ تناول كميات قليلة من الأطعمة المسببة للغازات حتى يتعود الجسم عليها (ومن ثم يمكن زيادة الكمية بالتدريج لأن هذه الأطعمة (كالخضار والفاكهة والحبوب) صحية، قليلة السعرات الحرارية وتؤمن للجسم الكثير من الفيتامينات والمعادن المغذية)؛ استعمل التوابل كالكمون أثناء الطبخ؛ استبدل الحليب بالجبنة واللبنة أو بالحليب الخالي من سكر اللاكتوز؛ ابتعد عن أو خفف من تناول المشروبات الغازية والكحولية والمشروبات المنبهة كالقهوة؛ تناول ما يقارب ثلاثة أكواب يوميا من اليانسون أو النعناع بعد كل وجبة؛ ابتعد عن أو خفف من التدخين اذا كنت مدخن؛ ابتعد عن تناول المستحضرات الاصطناعية الخالية من السكر لأنها تحتوي على مواد مهيجة لخلايا القولون وقد تفاقم مشكلة الغازات؛ خفف من استهلاك العلكة؛ حاول تناول أربعة الى ست وجبات صغيرة كل يوم بدلا من وجبتين أو ثلاث؛ مارس الرياضة بشكل يومي حتى ولو لفترة بسيطة، خصص وقت للراحة والاسترخاء البدني بعيدا عن أي أجواء من التوتر والعصبية أو الكآبة.
المفضلات