المقال التالي للاستاذ سهيح العجارمة منشور على موقع سريا
الأردنيون لغةً … هم كلمات التاريخ على الأرض ، المتولدون من أطهر نطف آدم ، القابضون على جمر الصبر ، مروضو الصحراء حتى دانت لهم الرمضاء ، يسكنهم الوطن أكثر مما يسكنونه ، الحاضرون عند المغارم الغائبون عند المغانم ، قوم ( إفلح ) ويا هلا بالضيف وغداك عندنا اليوم وكل يوم ، رضيعهم يولد وبيده ( الشبرية ) يضعها على وريد الذبيحة في أول دورة تعليمية باسم دورة حاتم الطائي للكرم ، ويكبر هذا الرضيع فيحصل على الدكتوراه مع مرتبة الشرف من ( أكسفورد ) ومازال جده بداخله يحمل الشبرية ويجز رؤوس الذبائح - رغم قلة ذات اليد - كرماً وطيباً قل نظيره ، شرفهم محراب لا ينتهك ، و صبرهم طويل وغضبهم بركان ، لا يعرفون الغدر ولا الطعن بالظهر ، هم الذين أعطوا لفنجان قهوتهم ألف معنى بالرجولة والنخوة والصفح ؛ فمرارة قهوتهم السادة بأفواه الكرام أحلى من عسلٍ صافٍ ، لا يبيتون على الضيم ولا يبدلون ذرات ترابهم بجنات الغرب والشرق ، وشعارهم عند الحاجة أن الحرة لا تأكل بثدييها ، وشعارهم عندما يستأسد عليهم الرويبضة أن من لا يعرف الصقر يشويه ، فيعود الرويبضة إلى جحورهم .
هم أحفاد الصحابة ، وأجدادهم قادة الفتوحات الإسلامية ، هم رأس الحربة عند التحرير ، هم الذين تعانق على أرضهم صهيل خيل خالد في اليرموك مع صهيل خيل خالد وأصحابه في مؤتة مع صهيل مدافع الهاشميين في الكرامة ، أرضهم أرض الأمان فلم يجد أصحاب الكهف أكثر أماناً منها ، أرضهم أرض الشهداء ، أرض مقامات أصحاب محمد ، أرض الحشد .
الأردنيون اصطلاحاً … هم الذين عشقوا رائحة موارسهم وحبات رمالهم وصخر جبالهم ، هم الأردنيون الموزعون بمحافظاتنا الخمس عشرة (!)
هم الذين قال لسان أعماقهم بصدق نادر : عمان مكتنا إليها يهوي فؤادنا ومن قال أن عمان بلا أهل فهو يجهل العمانيين وتاريخهم ، فهم الأردنيون .
والزرقاء يثربنا فأهلها أنصار ومهاجرون قدوة بالإيمان وقدوة بالإقدام ، هم الأردنيون ، ومعان قدسنا بلا احتلال فهي لقلوبنا محتلة وبفرسانها بدأ تاريخنا الحديث ، هم الأردنيون .
والكرك كربلاؤنا التي لم تتخلَ عن إمامها ولم تتركه لقدره فرجالها صناديد وصناع تاريخ وليس لهم إمامٌ إلا الأردن فلم يخذلوه في يومٍ ، هم الأردنيون .
وإربد صنعاؤنا الضاربة جذورها بأعماق التاريخ فعروس الشمال عرسانها رجال هم توائم للبطولة والفداء ، هم الأردنيون .
والسلط بغدادنا بلا تدنيس من محتلٍ تزهو بعزها وكبريائها فالسلطيون علم وعنفوان وصلابة بالحق وصخرة الأردن الأقوى ، هم الأردنيون .
والطفيلة دمشقنا بصبرها وجمالها وهي الهاشمية باقتدار ورجالها هم المرجع وهم الأصل ، هم الأردنيون ، وجرش روما الأردن بعظمتها أيام سطوتها ولأهلها الحكمة والهيبة ، هم الأردنيون .
ومادبا كنيسة قيامتنا ومسجدنا الطاهر بأهلها نشم عبق الانتصار وطعم الإصرار ، هم الأردنيون .
والمفرق نجفنا بلا تشيع إلا للوطن فهم فزعتنا وملجؤنا عند الخطوب ورمز كرمنا ، هم الأردنيون .
وعجلون أمازوننا بلا نهر إلا نهر الغموض والسحر والجمال وفيها رجال العلم والإنجاز المغرمون بثرى الأردن ، هم الأردنيون .
والعقبة دارنا البيضاء وثغرنا الباسم فيها رجال حفظوا الثغر من أن يمس وحفظوا العهد هم الأبطال ، هم الأردنيون .
ومحافظتنا الثالثة عشر ينتمي إليها النشامى الذين نُثروا في قلوبنا وفي جميع محافظاتنا كعطر جميل هم الأهل والأحباء هم العزوة هم الأردنيون الذين تمتد جذورهم بشموخ إلى مدن وقرى وعشائر فلسطين العظيمة هم الذين اختاروا الأردن واختارهم الأردن هوىً وعشقاً هم المخلصون لترابه وفرسانه عند الخطر ، هم الأردنيون .
و محافظتنا الرابعة عشر تشكلت ممن يعشقهم الأردن ويعشقونه هم الذي صبّوا دماءهم في شريان واحد هو شريان الأردن هم الأقوياء بالحق من شركس وشيشان ، هم الأردنيون .
ومحافظتنا الخامسة عشر ناسها هم الأعز على قلوبنا إنهم المغتربون الموزعون سفراءً للوطن في أصقاع الأرض هم الذين يعطون للوطن دون حساب و لا يأخذون منه إلا القليل ، هم الأردنيون .
أخطأ من يدعونا للحفاظ على وحدتنا الوطنية لأن الوحدة مطلوبة بين متفرقين أما نحن بجميع أطيافنا متفقون بالفطرة وبالغريزة في الأردن أن صبغتنا جميعاً واحدة هي الصبغة الأردنية ، فكلنا أردنيون و لا مزايدات على الوطن ، جميعنا نتفق ونختلف تحت سقف الولاء لثرى الأردن وللراية الهاشمية .
الأردن بناه الهاشميون بإرادتهم وبسواعد أجداد وأحفاد الأردنيين .. احترنا كيف نحب الأردن ؟! إذا آمنا أن الله في البدء خلق الأردن ثم ألصق فيه باقي بقع الأرض أغضبنا الإسلاميين وقد يعتبرونا – معاذ الله- من الصابئين ! وإذا عشقناه وهتفنا الأردن أولاً أغضبنا القوميين وقد يتهمونا – معاذ الله – أننا انسلخنا عن أمتنا العربية ! وإذا قلنا أن الأردن لكل العرب ثار بوجهنا الذين فهموا الوطنية خطأً فيحذرونا من ذوبان هويتنا الأردنية !
احترت كيف أعشقك يا وطني ؟! أنا أردني مسلم ولست إسلامياً بالمفهوم السياسي للمصطلح وأعشق وطني ولست عنصرياً ، وأنا عربي أعشق أمتي العربية و لست قومياً بالمنظور السياسي لهذا المصطلح .. أنا أردني وكفى ، وإذا كنا نعاني أزمة هوية (!) فهي أزمة أُسقطت علينا إسقاطاً وليست من صنعنا ، فنحن بجميع أطيافنا بوصلتنا واضحة وصادقة وتشير دائماً إلى نفس الاتجاه وهو الأردن .
نحن الأردنيون الأمناء على الوطن وعلى الأمة وعلى كل ما هو جميل في الحياة ، فلا يدفئنا إلا الأردن فزمرة دمائنا واحدة وأرواحنا واحدة وأحلامنا واحدة .. حفظ الله الأردن وملكنا المفدى وشعب الأردن العظيم بجميع ألوانه الجميلة .
ممنوع وضع اميلات
سميح العجارمة
المفضلات