غلاء المعيشة.. يضاعف مشاكل الشباب
ارتفاع أسعار الذهب، تكاليف البناء الضخمة، الإيجار المرتفع للبيوت، عدم كفاية الدخل لمتطلبات الحياة الباهضة، وغير ذلك؛ كلها أسباب تقف عائقاً أمام طموحات الشباب، وتجعل من تحقيقها أمراً غاية في الصعوبة.
على ذلك أجمع عدد من الشباب الذين وقفوا مكتوفي الأيدي حيال ذلك، وقد نالت منهم الظروف وحالت دون تحقيقهم أحلامهم، فمنهم من يرغب بالزواج، وحالت الظروف المعيشية دون ذلك؛ لإيمانه بعدم قدرته على تحمّل أعباء الزواج، والاضطلاع بمسؤولياته، نظراً للظروف المحيطة التي نعيشها، ومنهم من وقفت تكاليف الحياة الباهضة في طريق إكماله تعليمه، وغيرها من الأحلام التي تكسرت على صخرة الظروف المعيشية الصعبة.
ارتفاع الأسعار والمشاكل الأسرية
نتيجة لذلك يؤمن ماجد الخضري (28 سنة) بأن ارتفاع الأسعار يعدُّ من أكثر الأمور تأثيراً في حياة الشباب، لأنهم يتحملون نفقات كثيرة، ويحتاجون إلى المادة أكثر من غيرهم لتأمين تكاليف الزواج وبناء الأسرة، وغيرها من الاحتياجات، لافتاً إلى أن نسبة العزوف عن الزواج في ارتفاع مستمر، نظراً لتكاليف الحياة الباهضة، كما أن الكثير من الخلافات العائلية قد تنتهي بانفصال الزوجين، وبالتالي ضياع الأسرة، وقد ثبت أن جزءاً كبيراً من هذه الحالات سببها على الأغلب المشاكل المادية، التي قد تسهم بشكل أو بآخر في تفكك الأسرة وخلق المشاكل الاجتماعية.
من جانبه يرى معاذ خوالدة (21 سنة) أن الشباب مطالبون بتأمين مستلزمات المعيشة التي أصبحت تتزايد يوماً بعد يوم، والارتفاع الأخير في الأسعار زاد الأمر تعقيداً؛ لأن متطلبات المعيشة ازدادت، وقدرة الشباب على تحمل المسؤولية الأسرية أصبحت بدرجة أقل.
ومن وجهة نظره فإن قضايا ارتفاع الأسعار وصعوبة تلبية متطلبات المعيشة تقف عائقاً دون حصول الكثير من الشباب على تعليم جيد؛ لأن القدرة المادية هي التي تؤمّن ذلك، وغلاء المعيشة يقف حائلاً أمام تحقيق هذا الطموح، كما أن ذلك يعد ذا تأثير على النظام الأسري، فنلاحظ أن عدم مقدرة الشباب على تأمين متطلباتهم المعيشية يدفع الكثير منهم نحو التفكير بالسفر إلى الخارج؛ للبحث عن مستقبل أفضل مما قد يفقد الوطن الكثير من طاقات شبابه.
ويؤكد ذلك أحمد طوالبة (حاصل على شهادة الدبلوم في إدارة الأعمال)، إذ حالت الظروف المعيشية المتمثلة بعدم إيجاده فرصة عمل، إلى جانب ارتفاع الرسوم الجامعية دون إكماله تعليمه، وهو يفكّر جدياً بالسفر للحصول على فرصة عمل قد تمكنه من تأمين مستقبله، وتحقيق طموحاته.
الزواج.. حكاية أخرى
ويمثل الزواج العقبة الأولى أمام الشباب في ظل الأوضاع الراهنة، فلا يكاد شاب قادراً على تأمين متطلباته بنفسه، نظرا للاحتياجات الكبيرة التي يتطلبها، الأمر الذي يتزامن مع ارتفاع أسعار الذهب، وإيجارات البيوت، وارتفاع تكاليف البناء، وغلاء المهور، وكثرة متطلبات المعيشة.
(حسام) ذهب زواجه ضحية الظروف المعيشية الصعبة، وعدم قدرته على تلبية مستلزمات الزواج، رغم أنه يعمل موظفاً في القطاع الخاص ويتقاضى راتباً جيداً، فبعد أن دامت خطوبته من إحدى الفتيات مدة ثلاثة أعوام، لم يستطع بعدها إتمام متطلبات الزواج، الأمر الذي اضطرهما للانفصال عنوة، نتيجة للظروف المعيشية الصعبة، والغلاء الفاحش في الأسعار، الذي طال جميع السلع والعقارات.
وتجد ليلى زيادات (24سنة) أن الظروف الاقتصادية أكثر القضايا التي تؤرق الشباب في هذا الوقت، لأن الكثير منهم لا يستطيعون تأمين احتياجاتهم، ومتطلبات بناء مستقبلهم، فمثلاً تعدُّ مشكلة السكن أكثر المشاكل التي تثقل كاهل الشباب، خصوصاً أولئك المقبلين على الزواج، فيجد الشاب نفسه حائراً أمام كل ذلك.
ويؤيدها محمد أبو هشهش (طالب اللغة العربية وآدابها في الجامعة الهاشمية) إذ يرى أن من الصعوبة بمكان إقبال الشباب على الزواج هذه الأيام، في ظل الظروف المعيشية الصعبة، وارتفاع تكاليف الزواج، فالحد الأعلى لدخل شاب في بداية حياته العملية بالكاد يكفي تغطية مصاريفه الشخصية، فكيف سيغطي تكاليف الزواج؟ ويقول ''لا أستطيع أن أجزم بأن شاباً يستطيع تحمّل أعباء الزواج قبل سن الخامسة والثلاثين من العمر، فقبل هذه السن من الصعب على الشاب أن يستطيع ذلك بمفرده، أو دون مساعدة الأهل''.
المطالبة بتحقيق التوازن
ويرى طارق عبيدات أن المتطلبات الأساسية والاحتياجات المعيشية بدأت تأخذ غالبية دخل الفرد، الأمر الذي يجعل من الصعب عليه تلبية متطلبات أخرى، ويخلق عوائق كبيرة أمام تلبية الاحتياجات الأخرى، بل أن هناك فجوة بين مستوى الدخل والنفقات التي يحتاجها الفرد، حتى أضحت الكثير من الأسر غير قادرة على تلبية متطلباتها الأساسية.
ويطالب عبيدات بمواكبة الارتفاع الحاصل في الأسعار الذي تشهده المنطقة ككل، من خلال صياغة برنامج وخطط تسهم بتحقيق التوازن بين دخل الفرد وأسعار المتطلبات الأساسية للمواطنين، إلى جانب تخفيف العبء الحاصل على الأفراد.
وتتفق معه شيرين العبادي (26سنة) وترى أن من حق كل شاب أن يحلم بحياة كريمة، لكن الهم الاقتصادي الذي هو جزء من الهم الوطني يقف عائقاً أمامه، لذا لا بد من أن يتم وضع حد لارتفاع الأسعار، متمنية تحقيق معدلات نمو اقتصادي جيدة تنعكس إيجاباً على الشباب وتمكنهم من تحقيق طموحاتهم.
ودعا أسامة العمري (طالب كلية الاقتصاد في جامعة اليرموك) القطاع الخاص لتحسين أجور العاملين فيه بما يواكب الزيادة المطردة في الأسعار؛ لتمكين الشباب من التغلّب على المشاكل الاقتصادية التي تواجههم، فمن المعروف أن غالبية الشباب يتجهون حالياً للعمل في هذا القطاع نتيجة الضغط الحاصل على وظائف القطاع الحكومي، وبالتالي فإن من الواجب تصويب أوضاعهم، الأمر الذي يحدّ من حجم تأثرهم بالظروف المعيشية الصعبة التي يقع المواطن تحت وطأتها.
المفضلات