كريمان الكيالي- يتباهى كثيرون بحرصهم على زيارة مقهى شهير في بلد ما ، جسد جزءا من الحكاية الشعبية في مسلسل او فيلم اومسرحية ، او ان زبائنه رموز كبيرة في الفكر والادب والفن .
ابواب
رواد المقاهي !
كريمان الكيالي- يتباهى كثيرون بحرصهم على زيارة مقهى شهير في بلد ما ، جسد جزءا من الحكاية الشعبية في مسلسل او فيلم اومسرحية ، او ان زبائنه رموز كبيرة في الفكر والادب والفن .
عبر تاريخها الطويل، لم تكن المقاهي مكانا للترفيه واستهلاك الكلام والجولات المتواصلة في لعب الورق وطاولة الزهروالنرد والشطرنج او احتساء القهوة والشاي وتدخين الارجيلة ، فقد ارتبطت بالحراك السياسي والاجتماعي ، ولعبت دورا في النهضة الثقافية والفنية للشعوب، وبدايات كثيرمن كبارالمطربين انطلقت من المقاهي ،وربما كانت كذلك ملهمة العلماء ، وبحسب ماذكر فان الفلكي العالمي «هيلي» استكمل نظريتة في دوران القمر حول الارض في احد مقاهي لندن الشعبية، لينتهي الجدل حول الجاذبية التي اشغلت الكون منذ سقوط تفاحة « نيوتن» .
المقاهي حالة دفء خاصة ارتبطت بذاكرة وذكريات الناس ، ومنها من أصبح جزءا مهما من التراث لا يمكن ازالته، فمقهى «ريش» الاكثر شهرة بوسط القاهره والذي بلغ عامه الثاني بعد المائه هذا العام ، كان ملتقى لكبار السياسيين والكتاب والمفكرين والفنانين ،منذ عشرينيات القرن الماضي، وكان من ابرز رواده اضافة الى عميد الادب العربي «د.طه حسين « والكاتب الكبير»نجيب محفوظ» الذي كان يقيم فيه ندوة كل يوم جمعة ، كل من توفيق الحكيم، ابراهيم ناجي، عبد الوهاب البياتي ،رياض السنباطي ، عباس العقاد، نجيب الريحاني، حسين رياض ، محمود المليجي ، رشدي اباظه ،احمد رمزي وغيرهم, كما شهدت صالة المقهى غناء فتاة صغيره تتمتع بصوت جميل هي «ام كلثوم» والتي اصبحت اشهر مطربة في العالم العربي ، ولم يكن حضور حفلها بالمجان بل بتذكرة يتراوح سعرها بين 10-15 قرشا ، كما كانت تعرض في المقهى ايضا العديد من المسرحيات التي كان لها حضور مؤثر في تلك الحقبة .
وفي العاصمة عمان ما يزال للمقاهي القديمه ألقها الجميل، اشهرها مقهى «الجامعة العربية» و»زهران» و «السنترال» والذي مايزال منذ تأسيسه عام 1949ملتقى للمبدعين والمثقفين والسياح من مختلف انحاء العالم ، اما «الأوبرج» فاخرج المقهى الى فضاء أرحب حين احتفى بمرور اربعين عاما على تجربة الفنان الاردني القدير» زهير النوباني» في نيسان الماضي وسط تظاهرة ثقافية وفنية رائعة .
لم ينته المقهى ، بل ما يزال متألقا برغم غزو تلك التي ارتبطت بالشبكة العنكبوتيه»مقاهي الانترنت» ، وكثير من المقاهي التقليدية لا تزال تشهد ازدحاما كبيرا ،والزبائن ينتظرون دورهم في الجلوس،بخاصة اثناء بث مباريات كأس العالم التي انتهت مؤخرا.
على عكس الصورة النمطية التي قدمتها كثير من الاعمال الدرامية وابرزت رواد المقاهي، اما متقاعدين، اوكبارا في السن ،او عاطلين عن العمل ، لايجدون سوى المقهى مكانا لتفريج الكرب ، فان من يرتاد المقاهي هذه الايام يمثلون كافة شرائح المجتمع ومن كل الاعمار.. سياسيون ورجال اعمال واطباء ومهندسون ومحامون وكتاب واعلاميون وفنانون وموظفون وتجار ومهنيون وطلاب ..الخ.
زبائن المقهى وجوه تكاد تكون مألوفة ، وسط اجواء عابقة بدخان الاراجيل والسجائر وطرق اكواب الشاي وقهقهات البعض ومناداتهم على اصوات النادلين ، اما المقهى من وجهة نظر رواده فهو المكان الانسب للجلوس مع الاصدقاء وقضاء وقت مسل والعيش باجواء المنافسه وصيحات ارتبطت بالربح والخسارة في لعبة الورق او طاولة الزهر بما يبدد من وطأة الروتين اليومي ..
ويحكي «زميل « آثرعدم ذكر اسمه انه يرتاد المقهى مع شلة من الاصدقاء اكثر من مرة في الاسبوع للعب ورق الشدة او طاولة الزهر،واحيانا يذهب الى المقهى نهارا حيث تكون الاجواء اكثرهدوءا لكتابة مقال اومطالعة كتاب او صحيفة ، ويضيف ان الكثيرين يفضلون الذهاب الى المقهى لكسررتابة الحياة العائلية ،او للقاء» الشلة « وقضاء وقت للتسلية وتدخين الارجيلة ، وتبادل اطراف الحديث ،خاصة وان الخدمة متوفرة في المقهى ، بمجرد الاشارة الى النادل .
الانجذاب للمقاهى تقليد يصعب التخلص منه ، ومتعة الجلوس في مقهى مع الاصدقاء تفوق زيارتهم او الالتقاء بهم داخل جدران البيت بحسب مايقول موظف علاقات عامة « يونس «: فانعدام التواصل بين الناس ، دفع كثير من الرجال للقاء اصدقائهم في المقاهي ، ومن الزوجات من تفضل ان تلتقي صديقاتها في مول او مطعم بدلا من البيت ، ونادرا ما تتفق الاسرة على دعوة او زيارة او مشوار.
المقهى يثير غيرة كثير من الزوجات ، واصبح قول الزوج بانه موجود « في القهوة « يعني انه عند «الزوجة الاخرى» و»ام ليث» واحدة من زوجات كثر يدمن ازواجهن ارتياد المقاهي، وتقول بأن زوجها يذهب تقريبا كل يوم الى المقهى ، ولايعود قبل الواحده اوالثانية صباحا ، فهو مهووس بلعب طاولة الزهر، والمشكلة اذا عاد مغلوبا من اللعبة في تلك الليلة!!
المفضلات