معركة الكرامة .. العبر والدلالات ..... !!!
في ذكرى عزيزة على نفس كل عربي و أردني ،
نستذكر في كل عام، وتحديدا في الحادي والعشرين من آذار،
ذكرى معركة الكرامة التي اندلعت عام 1968،
حيث سطر فيها الجيش العربي الأردني أروع البطولات والتضحيات.
واستطاعت هذه المعركة أن تشكل حدا فاصلا بين الانهيار النفسي والمعنوي
للإنسان العربي وبين إعادة الثقة بالذات العربية للخلاص من تبعات هزيمة
الخامس عشر من حزيران عام 1967. ولأهمية هذه المعركة المصيرية،
أردنيا وعربياً، ودورها في إعادة موازين القوى في الصراع الدائر،
وأهميتها في وضع حد للشعور باستمرارية الهزيمة وصعوبة
التخلص من آثارها وقدرها، فقد استحقت أن يطلق
عليها معركة الفخر والعز والكرامة.
فقد دخل الجيش العربي الأردني المعركة، والتي كانت تشكل بالنسبة
له معركة حياة أو موت، وخصوصا انه على وعي تام، بما حصل في الهزيمة
الحزيرانية لعام 1967، وتجرع آلامها، وما ألت إليه من خسارة للأردن
وللأمة العربية جمعاء. فكان عليه أن يقف سدا منيعا أمام حدوث أي اختراق
عسكري آخر قد يؤدي إلى هزيمة أخرى تصيب الوطن والأمة. فدخل
المعركة وهو خالص النية وصادق العهد مع أمته وأردنه وقيادته .
وكان قد تهيأ للمفاجأة و بنفس يحدوها الأمل برد الاعتبار لشهداء
الهزيمة الحزيرانية، فصنع نصرا ميدانيا على ارض المعركة، التي
خططت إسرائيل للدخول إليها بقوات عسكرية برية وعلى مستوى
فرق وألويه، مع إسناد جوي كثيف وعلى ثلاث مفترقات ''مفترق
العارضة، ومفترق سويمه، ومفترق وادي شعيب''، ومستوى
رابع هو غور الصافي من اجل التضليل. وكان الهدف
من المحور القتالي الرابع هو تشتيت الجهد
الدفاعي للجيش العربي الأردني وتضليله
عن الهجوم الرئيسي، والتي هدفت إسرائيل من خلاله احتلال
المرتفعات الشرقية الأردنية (مرتفعات البلقاء)
والاقتراب من العاصمة عمان، وذلك للضغط على القيادة الأردنية للقبول
بشروطها ''للسلام''، وبالتالي ضم أجزاء من الأردن إليها تحقيقا
لمخططها التوسعي الاستعماري ألإحلالي ، وضمان أمنها
على طول خط وقف أطلاق النار مع الأردن، وزعزعة
الروح المعنوية للشعب العربي الأردني .
ولكن إسرائيل أخطأت التقدير، حيث استطاع الجيش العربي الأردني
من أعادة تنظيم نفسه وبسرعة فائقة في أعقاب هزيمة
حزيران 1967، وتمركز في مواقعه الإستراتيجية على الضفة الشرقية
بروح قتالية عالية ، وتصميم على الصمود ضد أي عدوان قادم.
ونتيجة للبعد التكتيكي للقيادة العسكرية الأردنية،
استطاع الجيش العربي استدراج القوات الإسرائيلية
إلى الخطوط الدفاعية الأردنية، وبالتالي انتهت هذه المعركة بدحر القوات
الإسرائيلية، وتكبيدها خسائر بشرية ومادية فادحة. وتم تحقيق
النصر الذي أنهى الغرور الذي سيطر على الجيش الإسرائيلي
نتيجة لانتصاراته المتكررة على الجيوش العربية مجتمعة
في حروب 1948، و 1967،
وأنهى أسطورة'' الجيش الذي لا يقهر''،
قبل أن يحاول الآخرون ذلك بأربعين سنة.
لقد اعادت معركة الكرامة ما هدر من الكرامة العربية في
حزيران الأسود، فهل تكون هذه الذكرى عبرة للأمة العربية،
ونحن نعيش في مرحلة مظلمة، سواء ما يتعلق بحاضرة الأمة
؛ بغداد، أو بما آل إليه الوضع في فلسطين والسودان والصومال
وغيرهم. فهل يعتبر ذكرى يوم معركة الكرامة، حدا للتشرذم العربي ،
وجلد الذات، والتخندق في دروع الآخرين وخلف أسوارهم،
والعودة إلى تغليب المصالح القومية على آفة القطرية والرقص
في أعراس الآخرين من أعداء الأمة،
وهل نقرأ جيدا ونعي ما قاله جلالة الملك عبدا لله الثاني ابن الحسين
في لقائه مع منتسبي الجيش العربي في الذكري الأربعين لانتصار
الجيش العربي في معركة الكرامة المجيدة، من أن التلاحم
المصيري للجيش العربي والأجهزة الأمنية
مع الوطن يخلق المستحيل في الدفاع عنه
وعن أمنه ومنجزاته من أي عدوان،
خارجيا كان أم داخليا؟
المصدر
جريدة الرااي الأردنية
د . سحر المجالي
المفضلات