صحافة عربية وعالمية
البيت الأبيض: إسرائيل دعم أم عبء؟
هناك كثير من الأسئلة التي نادراً ما يتم طرحها في واشنطن، فلسنوات خلت ومسألة الدعم الأميركي لإسرائيل تعتبر مسألة بديهية لا جدال فيها، وأنها تحقق الأمن الاستراتيجي للولايات المتحدة، على الرغم من التكاليف الباهظة التي تتكبدها الحكومة الأميركية جراء ذلك.
زيارة بنيامين نتنياهو الحالية لواشنطن جاءت ل«ترقيع» العلاقات بين البلدين، لكن يسود الأفق حالياً على خلفية تلك الزيارة، سؤال ملح لم يطرح سابقاً إلا همساً، وهو: هل تشكل إسرائيل، أو على الأقل الحكومة الإسرائيلية الحالية، خطراً على أمن أميركا القومي وقواتها العسكرية في الخارج؟
لا شك أن نتنياهو يفضل أن يراه الأميركيون بصورة الحليف الذي لا يمكن الاستغناء عنه، غير أن إصراره على بناء المستوطنات في القدس الشرقية يعمق الشرخ بين إسرائيل وأميركا، ويعتبر دلالة على عدم جديته في رأب ذلك الصدع، كما أنه يغذي العداء ضد الأميركيين في مناطق أخرى من الشرق الأوسط والعالم، لأن أميركا ـ في نظر الجميع ـ تعتبر درع إسرائيل الواقية، وحامية الحمى اليهودي.
باراك أوباما أوضح في الشهور الأخيرة، أن حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يعتبر ضرورة قصوى لمصالح الأمن القومي الأميركية، كما أن نائبه جو بايدن واجه نتنياهو على انفراد، وأخبره أن سياسات إسرائيل تعرض أمن الولايات المتحدة وجنودها في العراق وأفغانستان للخطر، وكذلك الحال بالنسبة للعديد من الشخصيات الرسمية الأميركية، مثل ديفيد بترايوس الذي قاد القوات الأميركية في كل من العراق وأفغانستان، حيث أكد أن استمرار إسرائيل في احتلالها للأرض الفلسطينية، يشكل عقبة كبرى لحل الصراعات في المنطقة.
هذا بالإضافة إلى أن الاعتداءات الإسرائيلية على أسطول الحرية في عرض البحر، أثر كثيراً في العلاقات الأميركية التركية، ومعروف أن تركيا تعتبر من الحلفاء الاستراتيجيين للولايات المتحدة.
إذاً، صار السؤال مطروحاً الآن، وقد أثاره قبل شهر تقريباً الخبير الاستراتيجي الأميركي المحنك والمتنفذ أنتوني كوردسمان، عندما تساءل هل تعتبر إسرائيل عبئاً على الولايات المتحدة؟ وتحدث عن وجود تغير في التفكير في البيت الأبيض، وفي وزارة الخارجية، وكذلك في البنتاغون، ناتج عن تأثر الولايات المتحدة بدعمها اللامحدود لإسرائيل على المدى الطويل.
وكتب كوردسمان كذلك، أن «الولايات المتحدة لن تتخلى عن إسرائيل، لأنها ملتزمة أخلاقياً ـ قبل كل شيء ـ بمساعدة الكيان الإسرائيلي على البقاء»، لكنها في الوقت نفسه لن تقبل وتبرر التصرفات الإسرائيلية، التي تجعل من إسرائيل عبئاً على الولايات المتحدة، بدلاً من أن تكون دعماً لها، كما أن ذلك لا يعني ـ والكلام لا يزال لكوردسمان ـ أن على الولايات المتحدة أن تقدم الدعم لحكومة فشلت في التصالح مع جيرانها.
في وقت مبكر من هذا العام حاول نتنياهو استباق الأمور عندما تحدث إلى مجموعة من حلفاء إسرائيل في واشنطن، حيث قال لهم إن إسرائيل كانت على مدى طويل شوكة في حلق التوسع السوفييتي، وهي الآن تساعد أميركا على استئصال شأفة الإسلام الأصولي في المنطقة.
غير أن هذا الكلام لا يبدو مقنعاً للأميركيين في الفترة الراهنة، ففي الشهر الماضي ذكر السفير الإسرائيلي في الولايات المتحدة مايكل أورين، أن العلاقات الأميركية الإسرائيلية على شفا الهاوية، وأنها تمر بما هو أكبر من الأزمة، لأن الأزمة يمكن حلها، إنما هي تمر حالياً بحالة ما يمكن أن يسمى الصدوع التكتونية، تلك الصدوع التي سببت إزاحة للقارات في ما مضى.
وأضاف أورين أن تقييم السياسات الإسرائيلية في البيت الأبيض، تحول من الاعتبارات الآيديولوجية والتاريخية التي كانت تتعامل بها الإدارات الأميركية السابقة، إلى الحسابات الباردة التي تعتمد على الحقائق والأرقام فقط.
كريس ماكفريل (كاتب وصحافي بريطاني) /البيان
المفضلات