الاكتئاب.. أسباب اقتصادية واجتماعية
مراد القرالة
أجمع مختصون أن ظروفاً اقتصادية في مقدمتها الفقر والبطالة, وأخرى اجتماعية تخص الملل والعزلة، من أبرز العوامل المساعدة في وقوع الاكتئاب والاضطرابات النفسية لدى الكثير من المواطنين.
وتشير الأرقام الإحصائية الخاصة بوزارة الصحة، إلى (20) ألف مواطن يراجعون سنوياً عيادات الطب النفسي التابعة للوزارة.
وتبنى هذه الإحصائيات على تقارير يومية وشهرية وسنوية حسب أعداد المراجعين، وفقاً لمدير المركز الوطني للصحة النفسية الدكتور محمد عصفور.
ويرجع عصفور أسباب المرض في المملكة إلى عوامل أبرزها؛ الفقر والبطالة, حوادث الطرق, وطبيعة الأسرة.
وينوه بأن العيادة النفسية الاستشارية التابعة للمركز يوجد فيها فريق متعدد الاختصاصات مكون من طبيب نفسي, وأخصائيي علم نفس واجتماع, وأخصائي العلاج الطبيعي, تابعين لوزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية؛ حيث يجرى للمريض مقابلة, وبعدها يتم الفحص الجسدي قبل النفسي لاكتشاف الأمراض غير النفسية, وبعدها تشخص حالة المريض ليحول بعدها للطبيب للمعالجة.
ويقارن بين نظام العلاج التقليدي سابقاً والنظام الحديث, حيث يوجد حوالي (40) عيادة موزعة على المراكز الصحية الشاملة التابعة لوزارة الصحة, ومراكز الإصلاح والتأهيل, وبعض المستشفيات, وبعض الجمعيات الخيرية, ليقوم الأطباء بزيارة هذه العيادات في برامج محددة, ويحول إلى المستشفى من هو بحاجة لذلك.
وتعتمد الطريقة الحديثه -بحسب عصفور- على نظام الصحة النفسية خارج المستشفيات أكثر منه داخلها, حيث أنشئت حديثاً وحدة الإدخال النموذجية, يقابل فيها المريض ويوضع تحت العلاج مدة أسبوع حتى 10 أيام, ويقيم بعدها مرة أخرى ويحول إلى العيادة الاستشارية, ويتابع داخل المجتمع المحلي في زيارته على بيته من قبل الأطباء ليرفعوا من سويته للعمل, وإمكانية إيجاد له فرصة عمل ليصبح مواطناً فاعلاً في المجتمع.
ويؤكد ضرورة عمل دمج للصحة النفسية في الرعاية الصحية الأولية مثل تدريب الأطباء العامين, ومتابعة النساء والأطفال, وصحة الهواء والغذاء والإنسان, لضمان وصول الخدمات لجميع أفراد المجتمع تدريجياً في جميع المناطق؛ لأن الإحصائيات العالمية تفيد بأن عملية الدمج وتدريب الأطباء العامين تستطيع أن تغطي (%73) من المرض النفسي في أي مجتمع والباقي يحول إلى المستشفيات, مما يكلف الدولة أقل ونتائج أكثر.
ويقول أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الأردنية الدكتور محي الدين خمش أن «المرض النفسي يكون بسبب فسيولوجي (افرازات كيماوية من الدماغ) وإذا نقصت ينتج عنها اضطرابات في السلوك يكون غير سوي».
ويضيف:»من الأسباب الأخرى العوامل الاجتماعية مثل العزلة, والملل المزمن الذي يتحول إلى شكل من أشكال الاكتئاب تتم معالجته من خلال العلاقات الاجتماعية أو العقاقير, بالإضافة للظروف الاقتصادية التي تتداخل أحياناً مع الظروف الاجتماعية».
ويستبعد خمش أن تكون جميع حالات الانتحار في الأردن لها علاقة بهذا المرض, ما عدا حالات عددها قليل ممكن أن تكون مرتبطة بأمراض نفسية أو مشاكل أسرية مزمنة.
ويؤكد أخصائي الطب النفسي الدكتور كرابيد زكريان أن أسباب الأمراض النفسية مرتبطة بالظروف الاقتصادية والاجتماعية.
ويفسر ذلك بأن الكثير من الشباب عند تخرجهم من الجامعات ينتظرون فترة طويلة لإيجاد فرصة عمل, ما يزيد من ساعات الفراغ والوحدة لديهم.
ولم يستبعد زكريان الأسرة التي هي الأساس في التربية الصالحة, حيث تقوم بعض الأسر بتعليم الأطفال منذ الصغر على الألفاظ غير المقبولة في المجتمع, والضرب وغير ذلك من التصرفات السيئة.
وتشير الإحصاءات العالمية إلى أن (20)% من سكان العالم يتعرضون للإصابة بواحد أو أكثر من الاضطرابات النفسية, ومتوقع في عام (2020) أن تحتل الأمراض النفسية المرتبة الثانية بعد أمراض القلب والشرايين.
المفضلات