الاردن.. الانتخابات النيابية.. التركيبة هي الهدف.. دعوة مفتوحة لبعض الكبار للترشيح ورسالة سياسية تقول للحرس القديم بأن الساحة لا تخلو من البدلاء
تتيح مساحة الغموض التي خلفها قانون الدائرة الافتراضية الانتخابي الاردني الجديد سلسلة لا تنتهي من التوقعات والقراءات لنتائج العملية الانتخابية وسط حالة غياب واضحة لاي برنامج يمكن ان يتوقع النتائج او حتى يتنبأ بها، مما وفر الارضية عمليا لاثارة يعتقد انها مقصودة على مستوى مطبخ القرار الحكومي حتى ينشغل الناس فعلا لا قولا بالتفاصيل اولا، وحتى تتغير 'التركيبة' ثانيا.
مسؤول بارز جدا وفي مؤسسة مهمة قال بان الهدف قبل عدة اشهر كان عمليا حل مجلس النواب السابق وليس اجراء انتخابات جديدة مما يعني بان الانتخابات قد لا تكون تلك التي تتطلبها المرحلة او تنطوي على توافق مثالي بين شركاء الحكم والقرار ومؤسساته، لكنها استحقاق لقرار سياسي استراتيجي اتخذ ويتمثل في التخلص من مجلس النواب السابق والاسباب هنا يمكن توقعها او تكهنها.
بهذا المعنى يمكن قراءة قانون الدائرة الافتراضية المثير للجدل على اساس انه وفي المضمون وبصرف النظر عن المطبخ الذي قرره بعيدا عن سذاجة التأويلات المتاحة بالسوق محاولة منهجية لتغيير التركيبة ومحاولة انتاج صنف مختلف من النواب خلافا للطراز الذي ولد بعد انتخابات 2007 سيئة السمعة والصيت.
يعني ذلك ان التركيبة اساسا واصلا هي الهدف الباطني لقانون الانتخاب المؤقت الجديد وليس تحقيق قفزة اصلاحية شاملة بالمعنى السياسي.
لهذا يقول مطلعون على الحيثيات ان كل الترتيبات التي اتخذت حتى الآن والتي ستتخذ لاحقا راعت من البداية هدفا محددا متفقا عليه بالمستوى الاستراتيجي لدوائر القرار يتعلق بنوعية مختلفة من نواب المستقبل دون الاطاحة تماما بالتقاليد الكلاسيكية المتعلقة بتوازنات العشائر وحضورها وتمثيلها مع تمثيل بقية الاطياف في المجتمع.
لذلك يمكن القول باسترخاء ان انتخابات 2010 الاردنية هي انتخابات 'تركيبة' بكل ما تحمله الكلمة من دلالة فمعادلة القانون صيغت على هذا الاساس وحل المجلس السابق قرار اتخذ على هذا الاساس لكن ضمانات التطبيق لا تتيحها في الواقع زحمة التوقعات التي يمتلئ بها السوق السياسي والانتخابي.
لكن ما هي الخطوات الاستراتيجية التي حددت نوعية الطراز المطلوب من نواب المستقبل الوشيك؟.. هذا السؤال لا يمكن توفير اجابة شافية عليه ببساطة لكن في سياق التحليل يمكن القول بأن خطوات مهمة تدلل على الارادة السياسية التي تحاول مناقشة 'نوعية النائب' اكثر من مناقشتها لحيثيات القانون.
بوضوح شديد تضمنت تشكيلة مجلس الاعيان الاخيرة وكذلك تشكيلة مجلس الوزراء اسماء محددة في رسالة سياسية واضحة ضمنية تلفت نظر اصحاب هذه الاسماء الى ان عليهم التنحي قليلا عن طريق البرلمان وترك الفرصة لتجريب وافراز قيادات اخرى.. من هنا حصريا يمكن قراءة عينية عبد الهادي المجالي وعبد الرؤوف الروابده وتوزير توفيق كريشان.
رسالة موازية يمكن تلمسها من خلال الاعلان عن ترشيح الرئيس السابق فيصل الفايز بما يعنيه من ثقل شخصي وسياسي كأحد رموز الحكم، فالرجل مع بعض الكبار الذين سيفاجئون الجميع لاحقا بترشيح انفسهم لا يذهب منفردا بهذا الاتجاه وترشيحه لنفسه رسالة ضمنية تقول بوجود 'بدلاء' وخيارات بديلة من ابناء النظام والدولة في لعبة البرلمان بمعنى ان مؤسسة القرار وخلافا لما يعتقده البعض ليست خالية من الخيارات البديلة.
وبكل الاحوال لا يمكن فهم ترشيح الفايز الا في سياق معادلة سياسية لها مؤشراتها، وبالتوازي لا يمكن فهم دعوات بعض مثقفي مدينة السلط لترشيح بعض الشخصيات الا في السياق نفسه فيما يوجه قانون الدائرة الافتراضية الدعوة بشكل مفتوح لبعض اركان لعبة برلمان 89 للجلوس مجددا على طاولة الحدث.
وتشمل الدعوة نكهات من طراز مختلف فايمن المجالي يتحفز للمشاركة في الحفلة بديلا عن المقعد الذي شغله عبد الهادي المجالي في آخر ثلاث دورات، وعبقرية النظام الانتخابي الجديد تشير الى ان نحو عشرين نائبا على الاقل من اعمدة التجربة القدامى والمعروفين والمختبرين سابقا لديهم فرصة شبه مضمونة للعودة للعبة تحت عنوان الغموض الذي يتسبب به قانون الانتخابات.
ونفس النظام يمكن الخبير من القول بأن الفرصة ستفوت على كل نائب خدمته الظروف او اعتبارات نقل الاصوات عام 2007 بحيث ينتهي الامر بنواب اكثر تمثيلا للناس واقل ازعاجا للدولة ومؤسساتها... على الاقل هذا ما افترضه المخطط لقانون الدائرة الوهمية.
المصدر : الحقيقة الدولية – القدس العربي 9.7.2010
المفضلات