والى اللقاء بحولة
ومن ذا الذي لا يتغير !
ان خصلة الشك فضيلة في بعض الأحيان وذلك حين تدفع الإنسان إلى التحري والاجتهاد في التقصي للوصول إلى الحقيقة، فالشك من هذا المنظور يعد فضيلة بما يولده في النفس من رغبة في الاستقصاء والتأكد قبل إصدار حكم أو اتخاذ قرار.
لكن أحد القراء الكرام بعث إليّ معارضاً بقوله:
إن الشك لا يكون فضيلة، بل إنه أحياناً يتحول إلى صفة كريهة تجعل الإنسان يفقد الثقة في الآخرين ويعتريه التوجس المستمر فيعيش في قلق دائم، فيتعس نفسه ويتعس غيره معه.
ويدلل على هذا بموقف زوجته منه، فهو كما يقول تقتضي طبيعة عمله اتصال النساء به وكثرة احتكاكه بهن وتعامله معهن، لكن هذا الأمر لا يعجب زوجته، بل يؤرقها ويجعلها في قلق لا ينقطع، لأنها تعتقد أنه من الممكن أن يتعرض لإغواء واحدة من أولئك النساء فيميل إليها فتفقده هي ويضيع من يدها، لذا هي تطالبه بأن يترك العمل ويبحث عن عمل غيره.
وما يتحدث عنه هذا القارئ أراه شيئاً آخر مختلفاً عن الشك، فزوجته لم تتهمه أو تطعن في سلوكه وإنما هي تخشى عليه مغبة هذا الاحتكاك المتواصل بالنساء، وتريد أن تحتاط مبكراً للأمر قبل أن ينتهي به الطريق إلى التزوج عليها.
وهذا الخوف الذي يملأ جوانح الزوجة قد لا يكون مبعثه عدم الثقة في سلوك الزوج حالياً، وإنما هو منبعث من تلك الكثرة التي تراها حولها من حالات الزواج على الزوجات، فيتولد لديها ذلك التوجس المتواصل. وأظن معها حق في خوفها على الزوج وخشيتها أن تفقده، فهي وان اطمأنت حالياً إلى أنه لن يتزوج عليها، هي لا تضمن أنه لن يفعل ذلك مستقبلاً، حتى هو نفسه لا يضمن ذلك، وقد يكون الزوج في الوقت الحالي وفياً للزوجة ولا يفكر مطلقاً في الزواج ثانية، لكنه لا يضمن المستقبل فربما جاء وقت يجد نفسه وقد تغيرت أفكاره، وأخذت ترتسم أمامه عشرات المبررات التي تجعله في حل من الالتزام بعدم الزواج ثانية، وهذا عينه ما يثير فزع الزوجة عند التفكير فيه.
نحن جميعاً نتعرض للتغير في أفكارنا ومشاعرنا وقيمنا وليس نادراً أن ترانا نقبل اليوم ما كنا نرفضه بالأمس أو العكس. وهو أمر فطري يدفع إليه رغبة الإنسان في التكيف مع ما فطرت عليه الحياة من سنة التغير.
المفضلات