صحافة عربية وعالمية
هل الحرب على الأبواب؟
مهما قيل في التحرك «العفوي» الذي طال قوات «اليونيفيل» في عدد من قرى الجنوب، فإنه يبقى بدلالات ومغاز تتجاوز طابعها المحلي والقروي الضيق، لتبلغ رسائل «حزب الله» الى المجتمع الدولي بأسره.
واذا كان أبطال التحرك «العفوي» أولاداً في مقتبل العمر، فإن التغطية السياسية واضحة، وان ابتعدت من منطق المواجهة الميدانية المباشرة. فالاعتراف بدخول الحزب كمحرك لم يتأخر، وجاءت المواقف السياسية متشنجة، حتى ان رئيس الجمهورية مضى في ركابها قبل ان يتنبّه في اليوم التالي الى ان نتائج مواقفه تختلف كثيراً عن مواقف نواب «حزب الله» ووزرائه.
لقد أدّت الاتصالات الأخيرة، الى «ضبط» حركة قوات «اليونيفيل» وانشغالها بأمن عناصرها وضباطها، ودرس حركتها، والتفاوض على تنقلاتها، مما يمنعها عن الاضطلاع بالدور الذي أنيط بها، ويحولها كعناصر أمنية لبنانية في بعض المناطق، مراكز لتلقي الشكاوى اذا تجرأ أحد على الشكوى عندها، ويحصر عملها في احصاء بعض التجاوزات الظاهرة للعيان.
من هنا يبدو الكلام عن «ورقة تفاهم» جديدة بين الجيش و»اليونيفيل» على أساس قواعد الاشتباك القائمة، بمعنى «إعادة التنسيق الدقيق بينهما بما ينهي احتمالات تجدد أي اشكالات»، سحقاً لدور هذه القوى وتأطيراً لحركتها ومنعاً لها عن مراقبة أي تحرك مسلح وعمليات نقل للسلاح وتخزينه في المنطقة المنزوعة السلاح مبدئياً.
وأما اخضاع هذه القوة الى طريقة عمل الجيش والمخابرات، وهو جزء من الخطة المرادة، فيدخلها في منطق المساومات، اذ يعلم الجميع الطريقة التي تدار بها الأمور عندنا، بالتسويات الأقل ضرراً، والتي يرعاها الجيش عبر مديرية المخابرات فيه، ربما مكرهاً بسبب عدم توافر سبل أخرى أمامه.
هل هذا هو المقصود أم يراد أبعد من ذلك، بسحب عناصر القوة الدولية من الجنوب، وبالتالي تغيير قواعد اللعبة، واعادة المنطقة مفتوحة للمواجهة؟
أسئلة لا اجابات واضحة عنها، وإنْ أكد معظم المسؤولين عدم الذهاب الى هذا الحدّ، فهؤلاء لا يستطيعون الافصاح مباشرة عن الهدف، هذا اذا كان بينهم من هو عالم به.
البعض يربط الموضوع بالمحكمة الدولية، وغيرهم بالعقوبات على ايران، وآخرون بحرب محتملة في الخريف المقبل تبدِّل قواعد اللعبة في المنطقة بأكملها، وكل هذا يرفضه القيمون على الوضع الميداني ومَن في يدهم الحل والربط فعلاً.
ومهما كثرت الرسائل وتعددت، وتكرر النفي، الا ان الأكيد هو ان المسّ بالقوة الدولية ليس في مصلحة لبنان بكل أطيافه، ولعل من المفيد اعادة التذكير بما أورده الدكتور داوود الصايغ: ان سابقة سحب قوات الطوارئ الدولية من منطقة قناة السويس في أيار 1967 كانت مقدمة حتمية لوقوع حرب حزيران اثر ذلك مباشرة.
فهل نكون في مرحلة تحضير لحرب نقدّم فيها لإسرائيل الذرائع التي تفتش عنها وتسعى لاختلاقها حتى تبرر عدوانها العتيد؟
غسان حجار
النهار اللبنانية
المفضلات