كـتّـــــــاب
المغترب وسفارته
كنت كلما مررت من أمام سفارتنا هناك في الغربة،أؤدي التحية للعلم وأقول في سرّي لذلك المبنى الصغير الواقع على شارعين «سلام عليك يا قبلة المغترب»،كما كنت على طريقة العاشق المجنون .. اتعمد المرور من امامها يومياً بدون أي داعٍ فقط لأرى العلم وأتذكر «شقفة هالوطن» ..
لم تدم هذه الرومانسية طويلاً، فعندما ذهبت لتسجيل مولودي الأول قبل 6 سنوات، دخلت المبنى مرتبكاً ملهوفا ،وقفت بالطابور وأنا انظر الى ملامح ذلك الموظف الأردني الذي يذكرني «بأعمامي» سمرة وهيبة وعقال ميّال..اقتربت منه اكثر وابتسامتي البلدية لا تفارق وجهي ،اعطيته أوراقي ، طلب مني الرسوم..مددت عليه ورقة نقدية..رمى أوراقي عليّ وقال: «فيش فراطة»!! يا سلام حتى هناك في الغربة يحتفظون بأصالة العبارة «فيش فراطة»..قلت له: لكن مكان السفارة بعيد عن المحلات التجارية من اين احضر لك فراطة...أهملني عندما قال «اللي بعده»...بدأت بسؤال زملاء الغربة الحاضرين في السفارة ..حدا معه فراطة يا اخوان..مشان الله يا اخوان..يخليلكوا اولادكو..يبعد عنكو كل مكروه ..وبعد ثوانٍ ناداني نفس الموظف..اقتربت منه..قال: بس لأنك محترم بدي افرطلك.(فكانت الصدمة الثانية:عندما تبين ان لديه فراطة ولكن فعل ذلك من باب النكد).
تخيلوا موظفا حمل معه ارث الوظيفة 3500 كيلو متر» ليتعنطز» في الغربة على مواطنيه بعبارات: «فش فراطة»..«ليش بتطلع» «ارجع بكرة»..»مش جاي عبالي» «الكمبيوتر معطّل»..
تذكرت هذه الحادثة بعد ان وصلتني ثلاث رسائل من ثلاثة مغتربين في اماكن مختلفة من العالم ، يشكون فيها من تعامل موظفي سفاراتنا هناك..العنوان في الرسائل الثلاث كان مختلفاً لكن المحتوى واحد: جرس السفارة يرن ولا احد يجيب..السماعة مرفوعة..عبارة «هاظ اللي عندنا»..»الموظف جِلف»..»اختم وارجع»..لا احد يسأل عنا.. نعامل «كمتّهمين»..»نفس العقد التي نعاني منها في البلد»...الخ.
المقال لا يحتمل مبالغة أو تجنيا، ولزيادة بالتأكيد اتمنى من وزارة الخارجية ان تجري استفتاءات بين المغتربين في مواقعهم او عند وصولهم على ارض المطار لتتعرف على منسوب رضاهم عن سفاراتهم اينما كان عنوانها.
احمد حسن الزعبـــي
المفضلات