كـتّـــــــاب
موسيقى
الامم الحية تعشق الموسيقى، وتتعامل معها على أنها غذاء للروح، وعلم قائم بحد ذاته فالاذاعة الروسية مثلا تبث مقطوعات مطولة (لبيتهوفن)، والاذاعة اليونانية في الصباح تحاول تخفيف عبء الازمة الاقتصادية وهزيمة المنتخب اليوناني في كأس العالم عبر بثها مقطوعات (لباخ)... وللعلم سائق التكسي واستاذ الجامعة في اليونان يعرفون من هو باخ.
لدينا القصة مختلفة تماما، لا يوجد موسيقى أبدا بل يوجد أغنية وكل ما نقدمه هو كلمات وألحان تشجع عل العنف..
تبصروا في الكلمات التالية: «زغرد البارود، منقع الدم، والسيف يلمع..
حين تتأمل كلمات الاغاني لدينا تشعر انك في (مسلخ)... فكل ما تحمله من دلالات يؤكد ان ثمة جزّاً للرقاب، والاهم من ذلك ان لدينا شغفا شديدا بقافية الكاف (إيدك، شراينيك، جبينك حبيبك، عدوينك، مراسيلك).
علينا أن نبتعد عن الاغنية ونركز على الموسيقى، فالعود مثلا آلة عالمية محترمة، وأدرك اننا من الصعب ان ننتج (باخ) او (بيتهوفن) ماذا مثلا لو قدمنا مقطوعة موسيقية على العود لِ(سويلم)... فهي تساعد على الاسترخاء والمتعة ماذا مثلا لو أخرجنا مقطوعات (جميل العاص) التراثية من الاذاعة والتي عزفها على آلة (البزق) وقمنا ببثها.
لدي صديق لبناني يعمل مهندسا للصوت في احدى الاذاعات المحلية علقّ على الامر قائلا.. خيّ أنا بس فيء من نومي.. بحسّ حالي بنزِفْ».. وبالفعل كل الاغاني التي ننتجها تشعر للحظة حين تتأمل كلماتها أن الذين كتبوها كانوا في غرفة العمليات بمستشفى البشير..
هناك فارق بين الاغنية والموسيقى والثقافة العربية ثرية بالآلات التي من الممكن ان نقدم عليها معزوفات جميلة مثل القانون والناي والعود.
احيانا تكون الاغاني انعكاسا للمجتمع... ونحن شعب نحب الشعر والسكينة ونعشق النساء... بعكس ما تقدمه الاغاني لدينا من ثقافة مسالخ وسكاكين دم وحرابْ.
لدينا (مغني) ولدينا (عازف) ولدينا (طبّال) ولكننا نفتقر لموسيقى... صاحب ذوق وحسّ فني مرهفْ.
تلك المهمة تقع على عاتق وزارة الثقافة فالموسيقى احيانا تكون أهم في دورها من دور الكتاب وربما في لحظة نحتاج لدائرة الموسيقى الوطنية على غرار دائرة المكتبة الوطنية.. يكفينا نزف وسلخ وذبح...
لدي اقتراح من الممكن دعم وانشاء دائرة الموسيقى في وزارة الثقافة.
عبد الهادي راجي المجالـــــــي
المفضلات